يكثر الحديث عن الأردن ورجالاته المخلصين، في كل وادٍ وناد ومنتدى وتجمع، وما زال الناس يتغنون بأمجاد السابقين من أبناء الأردن المخلصين، ويذكرونهم في نواديهم وبواديهم، ولن تجد أردنياً حراً شريفاً لا ينتشي فخراً عندما نسمع عن إنجازات وصفي التل، أو مآثر هزاع المجالي، أو حرص الدكتور الشيخ نوح علي القضاة على المال العام، وغيرهم من الشرفاء، أمثال هدى الشيشاني، من وزارة الأشغال العامة، وسناء القضاة من صندوق التنمية، ولما الحمود من وزارة الصحة، وحيدر الزبن مدير المواصفات والمقاييس. ويعتصرنا الألم عليهم وعلى أمثالهما رحم الله من مات منهم وغفر له. وأطال الله في عمر الشرفاء الذين حُرموا من مواقعهم لانتمائهم لتراب هذا الوطن، بمثلهم نتحول إلى ثقافة التميز والانتماء، التي نصت عليها كل القوانين المدنية الحالية، والتي اشتملت كل معاني العطاء، والإدارة، والتخطيط، والتنظيم؛ لكننا في الممارسة العملية نضعها في لوحات جمالية، ونزين بها ردهات مؤسساتنا، نرنو إليها ولا نجد لها تطبيقاً حقيقياً على أرض الواقع.
وفي المقابل تتعالى الأصوات التي تنادي باليأس والقنوط، وأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان، أو يقولون للمصلحين أو المطالبين بالإصلاح، والمخلصين في عملهم "جاي يقيم الدين بمالطا"، لأن الفساد في هذا الوطن المعطاء قد اتسع فتْقَه على الراقع، وأننا وصلنا إلى ذروة اليأس من تغيير الأحوال، وأنه ليس لها دون الله مخرج. لأن الوظيفة العامة صارت في عرف الكثير من الناس "جمعة مشمشية"، وأن رأس الهرم الذي يكسب أكبر قدر من المكاسب لنفسه ومقربيه، هو الرجل والقدوة. ولا داعي للإصلاح أو التطوير فالفساد مستشرٍ في أوصال الدولة ومفاصلها الحيوية، وإنما هو بسبب تعاقب الحكومات السابقة، والإدارات المختلفة كما يقولون. هذا هو كلام المتخاذلين، والمخذلين، والمثبطين المستفيدين من الوضع القائم، والذين لا يسعدهم أبدا (وضع الرجل المناسب بالمكان المناسب) لأن هذا يتعارض مع مصالحهم الشخصية فقط لا المصلحة العامة. وهو الخطأ بكلتا عينيه -من وجهة نظري-، فيه إحباط كبير؛ حيث أن الأردنيين الأوفياء الأكفياء موجودون في كل زمان ومكان.
نعم "إن الله ليَّزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن" مقولة ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه، مشيراً إلى أهمية القيادة والإدارة، وأنه بإمكان القيادة المخلصة تحقيق الكثير من الإصلاح، وتطوير المؤسسات التي يديرون، وتطوير كفاءة موظفيها، وفي تفعيل دورها المجتمعي.
ومن خلال متابعتي الشخصية واهتمامي الخاص بالمكتبات والمعلومات، ومتابعة موقع التواصل الاجتماعي لدائرة المكتبة الوطنية، خلال هذا الفترة فسوف يكون موضوعي لهذا اليوم عن أحد رجالات الأردن المخلصين، الذين أخذوا بالعزيمة، وعقدوا النية على النهوض بمؤسستهم، والعمل مع زميلاته وزملائه بروح الفريق، يسطرون أروع الأمثلة من خلال إنجازاتهم في عام واحد وبهذا تتحقق مقولة: الرجل المناسب في المكان المناسب.
الأستاذ الدكتور نضال الأحمد العياصرة؛ أستاذ في علم المكتبات والمعلومات، عُينَ قبل عام واحد مديراً عاما لدائرة المكتبة، وهو جدير بهذا المنصب من حيث التخصص أولاً، وليس أقدر على إدارة الدائرة أكثر منه، فهو ينطلق من مخزون؛ علمي، ومهني، وعملي، فهو منذ تعيينه لم يتسبب للدولة الأردنية بأية مصاريف إضافية على الإطلاق، علماً بأنه سافر إلى دول غرب أوروبا، وإلى دول شرق آسيا، وبعض الدول العربية لتمثيل المكتبة الوطنية، وتمثيل الأردن في المحافل الدولية في مجال المكتبات والمعلومات، ولم يتقاضى في كل هذا السفرات، لا تذاكر سفر، ولا مكافآت، ولا مياومات عن أيام السفر، ولا أية مصاريف عن اللجان التي يترأسها للعمل الرسمي.
سطر الدكتور نضال العياصرة صفحة جديدة من في سجل الرجال الأوفياء لتراب هذا الوطن، وهو يبذل جهوداً مضاعفة في سبيل تطوير وتفعيل "ذاكرة الوطن"دائرة المكبة الوطنية، لتتبوأ المكانة الحقيقية لها، وليعكس أهميتها الحقيقة في كل المناسبات. فلا يكاد يمر أسبوع عمل دون أن نجد فعالية أو نشاط تقوم به دائرة المكتبة الوطنية، بما في ذلك عقد الاتفاقيات والشراكات، مع جميع المؤسسات والجهات الأكاديمية والمهنية والثقافية والاجتماعية. حيث يبدي اهتماماً شديداً بالتأهيل والتدريب والتطوير، للارتقاء بمستوى موظفي الدائرة في مجال تخصصهم، مما ينعكس بالضرورة على تحسين إنتاجيتهم في جميع المستويات الإدارية، إضافة إلى الأعمال اليومية التي تقوم بها الدائرة بحكم وجودها، طبيعة عملها، ومن أبرز هذه النشاطات للمكتبة الوطنية في الذكرى الأولى لتسلمه منصبه: