يعتبر العنف ظاهرة اجتماعية انسانية سلبية عانت منها المجتمعات الانسانية كافة في الدول المتقدمة او المتخلفة، ولا زالت تعاني حتى يكاد يتنامى لمستوى الجريمة، حتى كاد ان يكون ان لم يكن سمة من سمات المستقبل ان لم يوضع له حد، وتختلف شدته باختلاف المجتمعات ومدى او درجة تحضرها ووعيها ودرجة ثقافة ابنائها السائدة هناك، كذلك باختلاف مستوى الطبقات الاجتماعية وانماط الحياة في تلك المجتمعات، حيث يعتبر العنف بانواعه مرضاً اجتماعياً واضطراباً اجتماعياً اكثر منه جريمة.
وهذا يحتاج الى تضافر كافة الجهود وتآزرها لمحاصرة هذه الظاهرة حتى لا تستفحل وتدمر العلاقات المجتمعية وتقضي على النسيج المجتمعي والبناء المجتمعي السليم ، اذن فهي صيحة انذار او رسالة خطر على المجتمع يجب بحثها ودراستها بتمعن.
ومن اشكال العنف هو العنف الاسري هذه المؤسسة البالغة في حياة الفرد بالنظر لأهميتها ووظيفتها في اشباع الحاجات الاساسية لدى الفرد فيها، بالاضافة للتنشئة الاجتماعية والاخلاقية والسلوكية والفكرية التي تساعده على الاندماج بايجابية في المجتمع الواسع ، اي ان نمو الطالب من المحيط الاسري اولاً حيث يتعلم الانضباط والسلوك، والادب والاخلاق والنمو النفسي والانفعالي والعقلي والمعرفي والتكييف والتعايش السلمي مع الاخرين وهكذا.
اما اذا عانى من التفكك الاسري لسبب او لآخر ومن الحرمان والاحباط والصراعات وغيرها، فان ذلك سيؤثر سلباً على شخصيته والتي ستنعكس على سلوكياته في المدرسة والمجتمع وتعامله مع استاذه ومؤسسته التربوية لاثبات رجولته وحقوقه واستقلاليته فالمكون الرئيسي لشخصية الطفل والشاب هو الاسرة ومكانته فيها واسلوب التعامل فيها، ومدى درجة ثقافة الوالدين وافراد الاسرة ووعيهم وثقافتهم ، وحتى لا يكون البيت تعسفي على الاطفال لان العنف يولد العنف ، بل يجب ان تكون معدله للسلوك ويتفق ذلك مع القيم والمعايير الدينية والمجتمعية، ويكون بصحة نفسية سليمة.
حيث ان البيئة المجتمعية والاسرية متبدلة ومتغيره بين حين وآخر فالحالة النفسية لها دور وتأثير ايجابي لجعله قادر على مزاولة نشاطه باقتدار وحيوية ونشاط والتغلب على الضغوط المتنوعة، فالعمليات النفسية هي اقبال وادبار ورضا ونفور وحيل نفسية من اجل التعامل مع الواقع لتفادي الازمات والتحديات والمواجهة، في ظل بيئة مجتمعية وتعليمية تعاني من العديد من الازمات والتحديات والانحرافات.
فالشخص عندما يكون بتوافق نفسي حينها يكون في حالة اتزان داخلي راضياً عن نفسه متحرراً من التوترات التي ترتبط بمشاعر سلبية عن الذات ويصاحبها سلوك وتعامل مع الواقع ومع الاخرين، ويستطيع ان يعمل بتوافق اجتماعي بعلاقات وطيدة مع الآخرين.
لذلك من المهم والضرورة ان يكون هناك برامج اعلامية وغيرها للارشاد الاسري، خاصة التي تحدث مع ابنائها حالات عنف، وتوعيهم بأساليب الرعاية الوالدية والتوجيه السليم ومعالجة اضطرابات الحالة المزاجية والقلق والاكتئاب بكل فرد اسري وادراك لدوافع ابنائهم ورغباتهم.
حتى يتم تجاوز نقاط ضعفهم وتقويم سلوكهم وتنمية الاحساس والاحترام والشعور بالطمائنينه لايجاد علاقات وصداقات حميمية وطيبة مستدامة وواقعية، وحسن التعامل والتعاطي مع الاخرين بالفهم والحوار والحكمة، وتدريبهم على القدرة على السيطرة للسلوك السلبي، فالحياة ليست كلها ايام يسر ففيها صعوبات وفيها الحلو والمر، والنضج يحتاج الى رعاية وممارسات صحية سليمة وتكيف وتوافق نفسي.
فلقد شاهدنا كثيراً من الظواهر السلبية للعنف في المدارس والجامعات كان لها اثر سلبي وواقع مؤلم راح ضحيتها شباب في مقتبل العمر من اجل كلمة او تصرف او سلوك بقصد او بغير قصد، كل ذلك لافتقارنا لبرامج الارشاد الاسري والتربوي والتعاون على التوعية والارشاد، والمشاركة بين الطلبة في نشاطات لا منهجية تعزز اواصر الصداقة بين الطلبة كذلك ضعف المعسكرات التطوعية الخدماتية للمجتمع المحلي وغيرها.
فأننا في ظل الظروف الاسرية الصعبة التي تمر بها الاسرة والمجتمعات والتي تنعكس على الابناء والطلبة ، بحاجة لبرامج ارشادية وتوعوية لهم اعلامية وتطبيقات عملية، في بيئة اخذ يسودها الاعتصامات والعنف وتجارة المخدرات وزيادة في حجم البطالة خاصة بين الطلبة المتعلمين المتخرجين من الجامعات، اي اننا امام مشكلة حقيقة يجب ان نعترف بها ويجب ان تتضافر الجهود لمحاصرتها والسيطرة عليها حتى لا تستفحل.
hashemmajali_56@yahoo.com