أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

السرحان تكتب.. في يوم الوفاء للمتقاعدين والمحاربين القدامى..

مدار الساعة,مقالات,الحسين بن طلال,الملك عبدالله الثاني,يوم الكرامة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

الكاتبة جميلة السرحان.

وكمحطة من محطات الوفاء والتقدير لهم فقد أكرمهم جلالة الملك عبدالله الثاني بتخصيص هذا اليوم من كل عام كيوم وطني للوفاء لهم ، تقديرًا للعطاء الذي قدّموه خلال خدمتهم العسكرية وعطائهم المميز ، وتضحياتهم الجليلة في الدفاع عن حمى الوطن والذود عن ترابه الطهور.

إذْ يشهد لهم دم الشهداء على أسوار القدس وجبال الخليل ونابلس ، ويوم الكرامة صدع مثل الشمس نوراً على غور البسالة وجبال البلقاء الشامخة وسفوح مادبا والكرك.

ففي يوم الوفاء أيها المتقاعدون العسكريون والمحاربون القدامى إننا نرنو إلى العسكرية والوفاء لمنتسبيها ، فتقدّر نفوسنا تقديراً بالغاً الذين يمضون أكثر من نصف شبابهم وهم يستذكرون أيام التدريب ورفاق السلاح والواجبات التي أُسندت لهم ، والروح التي جمعتهم بآلاف الضباط والجنود الذين جاءوا من جوانب البلاد لتنصهر رؤاهم وتتوحد أحلامهم وأهدافهم في طقوس المسير العادي والبطيء وميادين الرماية وقيم الجندية التي تلازمهم مدى الحياة.

فكلّ الذين عملوا في قواتنا المسلحة وأجهزتنا الامنية يتذكرون اصطفافهم في طوابير المجندين ومقابلات اللجان والفحص الطبي والرحلة الاولى من بلداتهم نحو معسكرات التدريب التي ترامت شرق مدينة الزرقاء "مدينة العسكر الاولى".

ويتذكرون أيضاً عودتهم لأهاليهم عند كل إجازة ، فقبل وجود الأسواق التموينية التي أصبحت تنتشر على مساحة المكان كان المجازون من الضباط والجنود يحرصون على التوقف عند دكّان الجندي ، إذْ يبتاعون مستلزمات بيوتهم وأسرهم مما يتوفر على الرفوف بأسعار زهيدة تسعد العسكريين وتفرح ابنائهم (السيرف والسجائر والمعلبات) في مقدمة المواد التي تحملها قوائم مشترياتهم.

رغم أنّها سُنّة الحياة إذْ تقتضي أن يعطي الانسان وهو في موقع العطاء فيستفيد الآخرون من ذلك ، وعندما ينتهي عمله يأتي من يكمله ، إلّا أنّ الرجال منهم والنساء يتذكرون بشئ من التأسي لحظة ابلاغهم قرارات التقاعد ، عندها يأخذون بالعودةِ إلى بلداتهم وقراهم وبواديهم بعد رحلة عمل دامت سنوات ، وعيونهم على الميادين وقلوبهم مع الرفاق الذين تركوا في المواقع التي شكلت فضاءات علمهم وحبّهم وعطائهم.

فالجميع يعلم أن ترك العمل في منتصف الاربعينيات بعد تعبئة وإعداد خاص دون أن يجدوا الدور المناسب ليستمروا في رحلة العطاء ، لهو أمرٌ يقلق المتقاعدين ويضعهم في مواقف لا تخلو من القلق.

إذْ إنّ غالبية قدامى المحاربين تقاعدوا دون تهيئة للتقاعد وخطة لكيفية قضاء ما تبقى لديهم من طاقة ليواجهوا مستقبلاً مجهولاً وغامضاً ، مع أوضاع اقتصادية صعبة يعيشها الجميع ، بالرغم من المحبة والمكانة والتقدير الائي يحظى بهما المتقاعدون من الرجال والنساء ، إلا أننا لم ننجح في أن نوفر لهم فرصًا لاستكمال الحياة اللائقة التي يستحقون.

ونحن نرنو إليهم بحبّ وتقديرٍ وعرفان إلا أنّ نفوسهم لا تريد شيئًا ، فمن أفنى زهرة شبابه وعمره – شقاءًا وفداءًا – للوطن لا يريد أدنى مقابل لما قدّمه وضحّى به وهو يرنو فرِحاً كيف وطنه نمى وأزدهر تحت حمايته الرصينة وتضحياته العظيمة ، الوطن الذي ترعرع بين أكفّ خشنة وعناية رجالٍ صمدت في الخنادق شددت قبضتها على زناد البنادق ، فلا تلين من تعب ولا تهن من برد.

وما زلنا نمضي معاً في دروب العروبة والوطنية ونحن استمراركم في هذا الجيش ، فالأوطان لا يحميها إلا الجند ولا يخلص لها إلا صوت الرصاص.

فيا نشامى الأردن الذين لم يتقاعسوا يوماً عن الذود عن حمى الديرة الأردنية ، ولم يتقاعدوا عن حبّ الوطن ، يا رافعي رايات المجد لكم ألف تحيةٍ وسلام.

مدار الساعة ـ