لا اعرف بالضبط اذا كان لدى الكاتب المحترم مصادر اخرى
كما انني غير متيقن اذا ما كان الزميل ابو طير يلوم السياسة الاردنية او يعتب على السوريين
مدار الساعة - كتب الوزير السابق والاكاديمي الدكتور صبري ربيحات
السوريون لا يكرهوننا...
المقال الذي نشره الكاتب المخضرم ماهر ابو طير في صحيفة الغد يوم السبت 12 كانون الثاني 2019 تحت عنوان "لماذا يكرهنا السوريون" يحمل الكثير من التصنيقات والتعميمات والاحكام التي يصعب التسليم بها او المرور عليها دون التحقق والسؤال. فقد استنتج الكاتب ان السوريين يكرهون الاردن وان الكراهية للاردن شعور يشترك فيه النظام والمعارضة في الداخل والخارج وحتى الاشقاء الذين استقبلناهم على الارض الاردنية لسنوات يكرهوننا أيضاً.
كراهية من هم في الداخل السوري للأردن وأهله - حسب رأي الكاتب - عائدة لاعتقادهم بان للاردن أدواراً في اشاعة الفوضى وتغذية الصراع وزعزعة الاستقرار السوري اما كراهية من هم على الارض الاردنية فهي مستندة الى شعورهم بالاستغلال والخذلان من جراء معاملتهم كلاجئين؛ فالبعض منهم يرى ان الاردن استغل معاناتهم وتسول على حسابهم وحرمهم من حرية الحركة والاندماج.
المصادر التي دفعت الكاتب لكل هذه التأؤيلات والاستنتاجات وتمارين الاستبطان والتحليل ليست دراسات علمية ولا استطلاعاً للآراء والمواقف بل التعليقات التي نشرها بعض السوريين قبيل مباراة لكرة القدم بين المنتخبين الاردني والسوري إضافة الى ما قاله المذيع الرياضي السوري في قناة الام بي سي مصطفى الاغا.
لقد اطلعت على بعض التعليقات التي اشار اليها الزميل واستمعت الى بعض مما قاله الاغا ولم ارَ ما ذهب اليه الكاتب فمن الطبيعي ان تظهر المشاعر الوطنية للمذيع لكنه هنأ المنتخب الاردني وقال انه ادى مباراة كبيرة وحقق فوزاً مستحقاً.
على وسائط التواصل الاجتماعي قال الاردنيون الكثير مما لا يختلف عن ما قاله السوريون؛ قالوا انهم سيطبخون منسفا من لحم الكنغر الاسترالي على جميد سوري وسيأكلون كنافة فلسطينية "نابلسية".
ما حدث قبيل المباراة ليس مستغربا ولا نادراً فكلا الفريقين يحتاج الى فوز يرفد الروح المعنوية لجمهوره. فالسوريون تعبوا من الحروب وويلاتها وفقدوا الاحساس بالامن والوحدة وهم يبحثون عن اي نجاح يبعث في نفوسهم الامل بعد ان انهكنهم الحروب ومزقهم التشرد. والاردنيون يتطلعون الى فوز يبعث في نفوسهم الامل بعد ان عاشوا صدمات متتالية. في كل ارجاء الدنيا تلتف الشعوب عند المنافسات حول أعلام بلادها وتستذكر عناصر وحدتها وتمارس شيئاً من التعبئة المعنوية التي تصور الفريق الاخر كخصم ولكن ذلك لا يعني اعتباره عدوا.
في السنوات السابقة وطوال عمر الازمة السورية كان الخطاب الاعلامي الاردني للداخل والخارج ان السوريين اشقاؤنا واقرباؤنا وانسباؤنا وكنا دوما نحرص على ان نوضح للمؤسسات الدولية ان ما يزيد على نصف اللاجئين السوريين لا يوجدون في المخيمات كونهم يعيشون في القرى والبلدات الاردنية حيث يعيش اقاربهم وانسباؤهم وعشائرهم الموجودة في الاردن.
لا اعرف بالضبط اذا كان لدى الكاتب المحترم مصادر اخرى غير التي اشار اليها كما انني غير متيقن اذا ما كان الزميل ابو طير يلوم السياسة الاردنية او يعتب على السوريين. فاذا كانوا يكرهوننا فعلا فلمَ كل هذا الحب من طرف واحد واذا ما اساءوا فهمنا فلمَ لانقوم بما ينبغي القيام به لتوضيح مواقفنا.
قد تختلف مواقف الانظمة وتتغير تبعا لمعادلات دولية ومصالح يجري تقييمها واعادة تقييمها، لكن المؤكد والثابت وغير القابل للتغير بالنسبة للملايين من ابناء الاردن وفلسطين أن لا مساحة للكراهية بين الشعوب مهما كانت الاطر والمعطيات فالعلاقة مع سوريا الشعب علاقة اخوة فهم الاقرب لنا في الثقافة والعادات والذوق والدم والفكر والهوية والوجدان.
لا اعرف أين يصنف الزميل ابو طير مواقف العديد من الكتاب والمثقفين والاحزاب وكيف ينظر الى الزيارات المتتالية التي قام بها النقابيون والنواب والوفود الشعبية المساندة للنظام السوري أوليس طارق خوري وسميح خريس وعبدالكريم الدغمي ومئات الشخصيات الاردنية رجالات تملك ثقلا سياسيا واجتماعيا داخل الاردن وخارجه.
من الصعب اختزال اتجاهات أمة أو شعب في تعلبق لناشط او تصريح لمسؤول فالعلاقات بين الشعوب والدول لها تاريخ وتقاليد وامتدادات تستعصي على التبسيط والاختزال والاختطاف او التجيير. الكثير من الاردنيين يرددون بعفوية وفي كل يوم اغنية "سورية يا حبيبتي...اعدت لي كرامتي.. اعدت لي هويتي" ولا اظن انهم يقبلون على من لا يبادلهم الحب.