استهلَّ الإعلامي المصري عمرو أديب حديثه التلفزيوني بوصف تواضع جلالة الملك عبدالله الثاني في تجواله في أحد جبال العاصمة عمان صباح الجمعة؛ لتناول وجبة بسيطة من الفلافل مع أبنائه، وتحدث مطولاً عن عظمة مشهد الملك وهو يدافع عن وطنه بين جنوده أو في قيادته السيارة متفقدًا إنسانًا هنا أو مساعدًا إنسانًا آخر هناك، ووصف أديب الأردن بالوطن العظيم والشعب العظيم النظيف والمعطاء رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة، وهي شهادة حق من إعلامي مصري كبير كعمرو أديب تضاف إلى كثير من الصور التي وصف فيها الكتاب العرب والأجانب الأردن بواحة التآلف والإخاء مثل محمد المسفر وغيره.
إن يوم تسلم الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية قبل ما يقرب من عقدين كان الشعب على موعد مع الفجر, فجرٍ أشرق بنوره فأضاء ما حوله, فجرٍ علَّم الكثير, وأعطى الكثير, وأبلى في سبيل المبادئ والحرية لكل مغلوب على أمره الكثير، وإذا ما رجعنا إلى سنواتٍ خلت من عمر جلوس الملك المبارك ونظرنا نظرة فاحصة إلى ذلك التاريخ، فإننا نرى على مستوى الأرض الأردنية شاب يخرج من رحم بني هاشم, من الصحراء التي طبعت بقسوتها همة الأبطال, وأعطت من أديمها المترامي الواسع سعة الخيال وقوة التأمل وصفاء الذهن, شاب يقود الوطن إلى فجر ندي يرسم فيه مستقبل الأمة, حين يعلنها مدوية سنمضي على طريق النور ونعيد البسمة للشعب مرة أخرى بعد أن فقد سيد الرجال الحسين بن طلال طيب الله ثراه، نعم في ذلك اليوم ابتسم الزمان ابتسامة الرضا لمملكة عبد الله.
ولم يكذب الرائد أهله كما يقولون, نعم فقد كان عبد الله ذلك الشاب الذي بذل أقصى ما يملك من قوة الشباب وحكمة الشيوخ لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن المعوقات كثيرة, والمثبطات أكثر, والمحاربين للتقدم والحرية والديمقراطية لا تتوقف حربهم عند حد, ويحتدم الصراع, ويتراجع البعض ويبقى القائد عبد الله الثاني صامداً مدافعاً عن آرائه ومبادئه؛ من خلال أوراقه النقاشية التي يطرح فيها آراءه مبشراً بالسعادة للشعب، فالقائد يعمل دون أن يكلَّ أو يملّ, فقد أدرك قوة الأردن وشعبه، فهداه فكره إلى إصدار الأوراق النقاشية، وخطط للمجتمع والأسرة والدولة, ولكن كما يقولون لأصحاب المبادئ خصوم لا يريدون للنور أن ينتشر, فكان لا بد من العودة إلى المؤامرات والشائعات والأكاذيب, واختلاق الذرائع لوأد قطرات الندى.
إنني وأنا أعدُّ السنوات التي مرت على الجلوس المبارك لا أستطيع أن أعدد مآثرها جميعاً, وأنا أعدد منها بما تسعفني به الذاكرة ويجود به عليَّ الفؤاد الذي أحب.
إن مدرسة القائد عبد الله لجديرة بأن تحتلَّ جُلَّ تفكير الباحثين ودفاتر تحضير المدرسين, وعناوين كتب السياسيين, فالتجربة غنية, ومن حقها البحث والتنقيب.