مدار الساعة - كتب علاء الذيب - أعلم تماماً أن هناك أصواتاً كثيرة تطالب بالملكية الدستورية او البرلمانية دون ان نعرف ما هي هذه الملكية، وكل ما يعرفه البعض عنها ان الملك مُجرد من الصلاحيات ويختارون رئيس وزرائهم حسب خططه وبرامجه.
لكن لا بد من التعمق اكثر بهذه الملكية وتوضيح بعض النقاط المهمة والتي غابت عن ذهن الكثير، بداية الملكية الدستورية ؛ هو نظام يحكم فيه الملك عن سلطات يحددها الدستور وهي خلافا للملكية المطلقة، ويكون الشعب بالملكية الدستورية صاحب السلطة، وتكون له وحدة السيادة، ولا يكون للملك اي حق من حقوق السيادة ،ولا يمارس اي سلطة فعلية ، وتكون بيد الشعب فقط .
بعد هذا التعريف يعتقد الكثير ان هذه الملكية يمكن لها ان تعطي رونقا سياسيا خاصا للاردنيين، في حين لو تأملنا نموذجاً صغيراً للحالة البرلمانية في الاردن نعلم اننا غير مؤهلين لاختيار مدير مدرسة، فكيف لنا ان نختار رئيس وزراء فعلياً يحكم في ظل انتشار المال السياسي وبيع الاصوات بسبب الفقر والحالة الاقتصادية، وبحال طبقت لن نجد رئيس وزراء قادر على ادارة المرحلة مهما بلغ ذكاءه .
نعود للنقطة الاولى بالعنوان وهي صفقة القرن، اغلبنا يعلم ان هذه الصفقة ستأكل الاخضر واليابس دون ان يكلف احدنا ان يبحث عن هذه الصفقه والى ماذا تهدف، وكل ما نعرفه عنها ما نشرته بعض وسائل الاعلام العالمية انها "الاتفاق النهائي وهو مشروع وضعه الرئيس الأمريكي دونالد ترمپ لإنهاء القضية الفلسطينية، وتهدف الصفقة بشكل رئيسي إلى توطين الفلسطينيين في وطن بديل، وانهاء حق العودة للاجئ الفلسطيني.
المتابع للشأن المحلي اصبح يتساءل عن القرار الاخير الذي اتخذته الحكومة الاردنية بتمليك "الغزازوة" للاراضي والشقق بعد مطالبات لسنوات قد مضت، وهل يعتبر ان الاردن بات يطبق بنود صفقة القرن، وبخاصه بعد وقف الدعم عن منظمة الاونروا بهدف القضاء على اللاجئيين الفلسطينيين وحق العودة، حيث ان وجود وكالة الغوث تعتبر شهاده اممية للحق الفلسطيني لكل مهجر، ولطالما ان هناك وكالة للغوث هناك قضية فلسطينية.
الشارع الاردني وبعد اتخاذ الحكومة لقرارها الاخير بتمليك الغزيين لم يهدأ بتساؤلاته اذا كان القرار يهدف لمرحلة قادمة بتمليك الغزيين القادمين من غزة للاردن، بعد اكمال السيناريو بحرب تمحق الاخضر واليابس هناك .
المتابع ايضاً يجد ان من اهم بنود صفقة القرن هو تسهيل الاجراءات والخطوات لتشكيل حكومة كونفدرالية تضم مناطق " أ " و "ب" والشمال السوري مع الاردن وقطاع غزة، يتقاسم فيها الفسلطينيون الحكم لاربع سنوات ومن ثم يتسلم فيها الاردنيين الحكم لاربع سنوات وهو ما طرحه احد وزراء الكيان الصهيوني سابقاً.
بحال طبقت هذه الكونفدرالية وباتت امر واقع على الاردنيين فاننا سنواجه ما لا يقل عن ادخال 150 الف فلسطيني مسلح للاردن بالاضافة الى ملايين الفلسطينيين من المدنيين، وستكون هناك فتنة اهلية قادمة بحال طبقت هذه الصفقة، او حتى ما يسمى بالملكية الدستورية او البرلمانية والمتشابهات سياسياً مع بعضهم البعض .
اذا صفقة القرن من اهم اساسياتها هو ان تحول الاردن لملكية دستورية ليسهل اي قرار يتم اتخاذه لاحقا او مسبقاً ، لذلك لا بد لنا قبل ان نطالب بشيء نعرف المغزى منه ، والتعمق به ، حتى ننجح ونكون اكثر قوة باي قرار يتم اتخاذه.
في المقابل لا بد من توضيح شيء مهم ، ان الاردن يرفض هذه الصفقة لعدة امور انها ستحدد من صلاحيات الملك ، وستدخل الاردن بفتنة اقليمية ، وسيكون هناك صدام كبير بين الشعب والسلطة ، لذلك الملك يرفض رفضاً قاطعاً ان تتم هذه الصفقة والتي جاءت بمباركة دول عديدة ، والتي تتدعي انها تحمل "السلام" وهي بالاساس ستعطي السلام لاسرائيل والعنف للاردن وستضرب السيادة الاردنية في مقتل.
نعود لتصريحات رئيس الوزراء السابق طاهر المصري ، عندما قال ان الاردن اصبح بلا حليف ، مما يدل ان المصري اراد ايصال رسالة واضحة ان الاردن وشارعه يتعرض لضغوط قوية لتمرير هذه الصفقة ، ومطالب علنية ان يتخلى الاردن والهاشميين عن وصايتهم تجاه المقدسات الاسلامية في القدس ، وهو اكبر تحدي يمكن ان يمر على الاردن.
لكن ايضا لا نريد ان نربط ان الفساد المنتشر بالاردن وزيادة اعداد الجياع والفقر والبطالة من اساسيات صفقة القرن ، بل هي تحديات تواجه الاردن منذ زمن ، واستغلتها بعض الدول لرضوخ الاردن لهذه الصفقة والتي يرفضها بشكل رسمي واساسي كل من الاردنيين والفلسطينيين، وتضعف الاردن في اتخاذ قرارات دولية او حتى محلية .
لا بد ايضا من معرفة ان مطالب الشارع الاردني بالاصلاح امر مهم جداً ولا بد من الاخذ بالاصوات التي تطالب بالاصلاح، ولكن الخوف ان تكون هذه الاصوات سبباً لتمرير الصفقة من قبل اصحاب الاجندات التي يرغبون بتمرير الصفقة في ظل حالة الغضب بالشارع الاردني، فالفساد قد انتشر والديون قد ارتفعت وكل ذلك يضعف اية حكومة بمواصلة اصلاحها باية خطط تقدمها، لذلك اصبح المطلب بتشكيل حكومة وطنية امراً مهماً وضرورياً ليكون الملك مسؤولاً عن هذه الحكومة الوطنية وألا يتغول عليها الفاسدين ، وتكون مصدر قوة للشعب والسلطة في وقت واحد.
اذا لا بد القول ان العائلة الهاشمية هي صمام امان للاردنيين، وان على الاحزاب والنقابات والمنظمات المحلية ان يتوحدوا الآن في مواجهة التطبيع وان يكونوا اكثر قرباً والفة مع بعضهم البعض للتصدي لاية مشاريع تريد اضعاف السيادة الاردنية والسلم الاهلي في الاردن.
نهاية لا بد ان نكون اكثر عقلانية ونتوحد مع بعضنا البعض لما يسمى بالملكية الدستورية او البرلمانية او الكونفدرالية ، وان لا يكون ضغطنا بالشارع متناسقاً او مجروراً عن غير قصد لسياسة اصحاب القرار بصفقة القرن ، فنحن وان ضاقت بنا سُبل العيش توحدنا الكرامة والاخوة ونفتحر بكلمة لا زلنا ننطقها في كل مناسبة "انا عربي".