مدار الساعة - أكد المشاركون في الجلسة الحوارية الأولي لـ(المؤتمر الدولي حول الأسرة والوئام المجتمعي) التي عقدت اليوم الاثنين، أهمية تماسك الأسرة وأفرادها في تحقيق الوئام المجتمعي، وأهمية العلاقات الأسرية القائمة على المحبة والمودة والاحترام، باعتبارها المدماك الأساس في تحصين المجتمع من التعصب، والمفتاح لبناء مجتمع قوي متماسك.
وانطلقت أعمال اليوم الأول للمؤتمر، بجلسة تناولت (الأسرة في الأديان)، برئاسة وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأسبق الدكتور هايل الداوود، وبمشاركة المدير العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي الدكتور عبد السلام العبادي، وعضو هيئة المركز الأردني لبحوث التعايش الديني ورئيس الاتحاد اللوثري المطران منيب يونان، وعميد كلية الشريعة في جامعة مؤتة الدكتور محمد الرواشدة.
وركزت الورقة البحثية التي قدّمها الدكتور عبد السلام العبادي بعنوان (الأسرة في الإسلام: نحو أسرة هانئة مستقرة دون عنف)، على عرض وبيان مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها المعالجة لهذا الموضوع بكل أبعاده، بما يشمل التوجيهات والأحكام العملية التي أخذت طريقها للتشريع، دون إغفالها للواقع المعاش والإجراءات المطلوبة للمعالجة.
وقال إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة) العام 2009، والذي يعتبر من المرجعيات للأمة الإسلامية، أقرّ أن مفهوم العنف في الأسرة والمقصود به الأفعال أو الأقوال التي تقع من أحد أفراد الأسرة على أحد أفرادها وتتصف بالشدة والقسوة وتلحق الأذى المادي أو المعنوي بالأسرة أو بأحد أفرادها، هو سلوك محرم لمجافاته لمقاصد الشريعة في حفظ النفس والعقل، وعلى النقيض من المنهج الرباني القائم على المعاشرة بالمعروف والبر.
كما أقرّ على الصعيد الأسري، وفق العبادي، التركيز على التربية الإيمانية سبيلاً للنشأة الاجتماعية، والتأكيد على الثوابت الشرعية المتعلقة بالبناء الأسري من التعاون والمودة والرحمة والسكن والبر والإحسان والمعاشرة بالمعروف فيما بين الزوجين، واعتماد الحوار منهجاً لحل القضايا الأسرية الداخلية.
وزاد العبادي، أن المجمع الفقهي رفض جميع البنود التي اشتملت عليها الاتفاقيات الدولية التي تبيح ما فيه مخالفة لقوانين الشرع والفطرة كإباحة الزواج المثلى، والعلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج الشرعي، وغير ذلك من بنود تتصادم مع أحكام الشريعة الإسلامية، وطالب الجهات التشريعية بسن قوانين تجرّم كل صور العنف بين أفراد الأسرة باعتبار أن الشريعة قد حرمت ذلك.
بدوره، أكّد المطران منيب يونان في ورقته (الأسرة في المسيحية)، أن مفهوم الزواج في الكتاب المقدس لا تصنعه ورقة العقد، بل الرباط المقدس، وتتجلى فيه العلاقة بالمحبة الصادقة والمحبة دون مصلحة. وعن أهم التحديات التي تواجه الأسرة، أوضح يونان أثر التطور التقني على تماسك الأسرة، داعيا الوالدين إلى توظيف هذا التطور لإعطاء النصائح والإرشادت البناءة لأولادهم، اضافة إلى التحدي الديني؛ بمعنى كيفية أن نفهم الدين كأسرة، وكيفية توظيف الدين بالطريقة الصحيحة في الأسرة لنماء أطفالها روحيا ودينيا، من خلال أن يكون الوالدين قدوة لأبنائهم قولا وعملا.
وأضاف، أن من التحديات التي تواجه الأسرة اليوم التعصب الديني.
ودعا الأسرة إلى ممارسة التدّين البنّاء، الذي يقوم على احترام الاختلافات الدينية، واعتبار أبناء الدين الأخر أخوة في المواطنة والإنسانية، مؤكدا أهمية تأهيل العائلة في خلق مفاهيم صحيحة وقيم بناءة وأخلاق سامية؛ لأن العائلة هي أساس الانفتاح أو التعصب.
إلى ذلك، قدّم الدكتور محمد الرواشدة في ورقته عن (العلاقة الأسرية والأحكام والتشريعات: المرأة نموذجا)، وقال: إن الظلم الواقع على المرأة راجع إلى منظومة المعرفة البشرية البعيدة عن الدين المصفى والحقيقي، حيث اكتسبت هذه المنظومة (التقاليد الراكزة والتعاليم الوافدة) قداسة مزعزمة رغم بشريتها الأصلية وتاريخها.
وتابع الرواشدة، أن المرأة المسلمة اليوم واقعة بين نارين؛ نار العادات والتقاليد التي تحد من نشاطها السياسي والاجتماعي وتمنعها من آداء دورها وواجبها نحو مجتمعها باسم الدين، ونار العلمانية التي استغلت المرأة وحرمتها من الأمن الفكري والاجتماعي.
وطالب الرواشدة في ورقته، بطمس صورة المرأة التي تشكّلت داخل الاجتهادات الفقهية القديمة، والتي ظهرت فيها بعض الفتاوى التي تشوّه صورة المرأة وتنقص من مكانتها وتحط من كرامتها، بل وتتعسف هذه الفتاوى المستندة للعرف وليس للنص المقدس (الوحي) في حقوقها، وخاصة الحقوق الاجتماعية، داعيا إلى تأسيس كرسي لدراسات المرأة من منظور حضاري إسلامي.
وطالب المرأة بالمساهمة في تجديد رؤية الفكر الإسلامي تجاه المرأة؛ لأن المرأة تبدو ضعيفة في التعبير عن نفسها وعن رؤيتها الفكرية والثقافية. وكان وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الدكتور عبدالناصر ابو البصل قد افتتح اعمال المؤتمر الذي يستمر ثلاثة ايام لمناقشة محاور تتعلق بالاسرة وسبل التغلب على التحديات التي تواجهها. (بترا)