مدار الساعة - السؤال:
عندي شركة يقدر ثمنها بحوالي 100000 ليرة، ولها دين على جهة ما مقداره 1600000 ليرة، يمكن أن يُحصّل ويمكن أن لا يُحصّل، فبعتها لشخص بثمن 1500000 ليرة على شكل شيكات، على أن يكون له ما يمكن أن يحصله من الدين، فهل هذا البيع جائز؟ وإن لم يكن فهل يعد عقد البيع باطلا وتعود الشركة لي، وتعود الشيكات للمشتري، أم يمكن عمل تسوية ليصبح البيع شرعيا؟
وماذا لو تمسك الشاري بالعقد ورفض الإعادة؟ مع العلم إن الشركة محدودة المسؤولية، وليست شركة تضامن.
125 - ملف رمضان
الجواب
الحمد لله.
أولا:
لا يجوز بيع الشركة بما لها من الديون، إلا إن كانت الديون قليلة، بحيث تكون تابعة للشركة؛ لما تقرر عند الفقهاء من أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في غيره.
وأما إذا كانت الشركة تقدر بمائة ألف، والديون لها مليون وستمائة ألف، فالدين هنا ليس تابعا، بل هو الأصل، والشركة تابعة، فحقيقة الأمر هنا هو بيع الدين.
وبيع الدين النقدي لا يجوز بنقد، لما فيه من الربا، سواء كان بنقد حال أو مؤجل؛ إذ بيع نقد مؤجل بحال، من ربا النسيئة، وبيع نقد مؤجل بمؤجل مع التفاضل، ربا كذلك، مع كونه من بيع الكالئ المجمع على تحريمه.
جاء في قرار: مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي في دورته السادسة عشرة بشأن موضوع بيع الدين:
" ثانيًا: من صور بيع الدين غير الجائزة:
أ- بيع الدين للمدين، بثمن مؤجل أكثر من مقدار الدين؛ لأنه صورة من صور الربا، وهو ممنوع شرعًا، وهو ما يطلق عليه (جدولة الدين).
ب- بيع الدين لغير المدين، بثمن مؤجل من جنسه، أو من غير جنسه؛ لأنها من صور بيع الكالئ بالكالئ (أي الدين بالدين) الممنوع شرعًا" انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/333) : " هل بيع الشيكات أو الكمبيالات حلال ولو كان بالخسارة ، أي أقل من الثمن المكتوب؟
الجواب : بيع الشيكات على الكيفية المذكورة : لا يجوز؛ لما فيه من ربا النسأ وربا الفضل " انتهى.
وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله: "ما هو الموقف من الديون التي للشركة عند بيعها ؟
فأجاب: لا تدخل الديون في عقد بيعها ، وتبقى لأصحابها الأولين" انتهى.
وينظر: جواب السؤال رقم: (20933).
ثانيا:
قد ذكرت أن هذا الدين محتمل التحصيل وعدمه، فيدخل ذلك في الغرر والمقامرة، ومن شروط صحة البيع: أن يكون المبيع مقدورا على تسليمه.
قال في "كشاف القناع" (3/ 162): " الشرط الخامس (أن يكون) المبيع، ومثله الثمن، (مقدورا على تسليمه) حال العقد؛ لأن ما لا يُقدر على تسليمه، شبيه بالمعدوم، والمعدوم لا يصح بيعه؛ فكذا ما أشبهه" انتهى.
ثالثا:
هذا البيع الربوي لا يصح، وليس للمشتري أن يتمسك بهذا العقد المحرم.
وعليكما إن أردتما البيع، أن تبيع الشركة دون ما عليها من الديون.
والله أعلم.