تناولت صحيفة الإندبندنت البريطانية منذ أيام، إعلاناً صدر عن تنظيم القاعدة الإرهابي، يدعو فيه إلى ضرورة الحفاظ على البيئة، وحظر استخدام البلاستيك في المناطق الخاضعة لنفوذها، جاء هذا الإعلان على لسان زعيم حركة الشباب الصومالية المرتبطة ارتباطا وثيقا بتنظيم القاعدة، وقد أثار هذا الأمر موجة كبيرة من التهكم والسخرية عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وكان مثارا للدهشة والإستغراب من قبل مختلف الهيئات المهتمة بالحفاظ على البيئة العالمية.
المعروف أن حركة الشباب الصومالية، التي نشأت عام 2004، وظهرت إلى الوجود عام 2006 ، هي حركة دموية إرهابية متطرفة، تمكنت من السيطرة على بعض مناطق العاصمة الصومالية مقديشو، ثم اندمجت مع تنظيم القاعدة منذ عام 2012 وأصبحت جزءا منه.
مفارقة غريبة وعجيبة حينما يتولى تنظيم القاعدة الدفاع عن مشاكل وقضايا البيئة، ويصدر تعليمات تتعلق بالإهتمام بالبيئة، وعدم اهمالها أو التفريط بها، وحظر استخدام أكياس البلاستيك! أو القائها في الطرق أو المحيط الهندي الذي تطل عليه الصومال الشقيقة، ويحث على الإعتناء بالمناطق التي تقع تحت سيطرته، والحفاظ على البيئة البرية والبحرية.
أشارت بعض وسائل الإعلام الغربية، ان مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، كان قد وجه خطابا إلى المجتمع الأميركي، تم الكشف عنه منذ عامين، يطالبه فيها بالضغط على الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، للإهتمام بقضايا البيئة، ومكافحة الإحتباس الحراري، حتى لا ينتهي هذا العالم، وفي الوقت ذاته تحدثت تلك الوسائل، عن اهتمام حركة طالبان في أفغانستان بمشاكل وقضايا البيئة وضرورة حمايتها!
المفارقة الغريبة والعجيبة أيضا، ان تجد تنظيم القاعدة الذي قدم أكبر مساندة في التاريخ المعاصر لأعداء الإسلام بنشاطه الإرهابي، وبياناته الإعلامية الرامية إلى تقديم الإسلام للمجتمعات الأخرى، على أن دين القتل وإراقة الدماء، يهتم بحماية البيئة والمحافظة عليها. والمثير للجدل أن فرع التنظيم في الصومال يحذر من حجم الخطورة الناجمة عن الأطنان الهائلة من نفايات البلاستيك التي تلقى كل عام في البحار والمحيطات.
الجدير بالذكر أن المنظمات التابعة للأمم المتحدة، سبق أن حذرت من حجم تلك الخطورة على البيئة العالمية، حينما أفصحت عن حجم النفايات البلاستيكية التي تلقى في البحار، والتي بلغ حجمها ما مقداره خمسة ملايين طن سنويا، بمعنى ان حجم النفايات على مدار عشرة أعوام يصل إلى خمسين مليون طن.
وقد نوهت مصادر في الأمم المتحدة، إلى أن هذا الأمر يشكل حالة مفزعة جدا، واستمرار تلك الحالة مع مرور الزمن، سيؤدي إلى ظهور قارة سابعة تضاف الى قارات العالم الستة ... المذهل في الأمر أن تنظيم القاعدة القائم على التكفير والإرهاب والقتل والترويع، والمعادي لكل ما هو صواب أو خطأ، سليم أو عليل، واضح أو غامض، معتدل أو منحرف... يتحدث عن التلوث البيئي وآثاره المدمرة للبشرية.
المفارقة الغريبة والعجيبة كذلك، أن هذا الكيان الإرهابي الذي يهدف إلى إزالة ثقافات الأمم، وإبادة التاريخ والحضارة لمعظم دول العالم، والقضاء على هوية المنطقة ومجدها الحضاري، وسحق ذاكرة شعوبها، يلفت الإنتباه إلى مخاطر التلوث، ويدعو إلى الحيلولة دون التدهور البيئي حفاظا على حياة الإنسان ومستقبله.
مفارقات غريبة ومدهشة ومذهلة. دعوة للتأمل والتدبر...