بقلم خلود الخطاطبة
"السحيج"، "المنتفع"، "المتكسب"، "البوق"، مرادفات يستخدمها البعض لوصف أي شخص سواء مسؤول كبير أو اعلامي أو مواطن بسيط، يدافع في ظل الظروف الحالية عن الوطن وأمنه ويدعو الى المحافظة عليه ويحاول الفصل بين الوطن ومقدراته وبين السياسات الحكومية المتلاحقة التي هي حقيقة لم تنجح في التصدي لهذا الظرف الاقتصادي الدولي الضاغط.
"مغرض"، "مندس"، "مدفوع"، "أزعر"، مرادفات مقابلة يستخدمها البعض لوصف من ينزل الى الشارع سواء مسؤول سابق أو اعلامي أو مواطن بسيط، للتعبير عن رأيه محتجا على السياسات الاقتصادية الحكومية المتمثلة برفع الاسعار والاعتماد على جيوب المواطنين في سد عجز الموازنة.
في الحقيقة، لا هذا "سحيج" ولا هذا "مندس"، ولا هذا "متكسب" ولا هذا "مغرض"، كلهم أردنيون عيونهم على الوطن، يذودون عنه بدمائهم، يضحون بابنائهم لرفعته وبقائه، لكن أدواتهم مختلفة قليلاً للوصول الى ذات الهدف (أمن أطفالنا ومستقبلهم في الاردن)، ويمكن ان يتخلل استخدام هذه الادوات من كلا الجانبين، تجاوزات من نفر قليل سواء بالاساءة الشخصية أو بالاعتداء على أملاك المواطنين ومؤسسات الوطن.
"السحيج" و"المندس" كلاهما يدركان صعوبة الظرف الذي يتطلب من جميع الاردنيين حكومة وشعبا، التفكير قبل الاقدام على أي خطوة، في ظل ظرفين عربي ودولي قاسيين وصعبين، ظرفان تخلى فيهما أشقاء عنا، وأضحى العالم يقاد برعونة من شخصيات أوصلها التطرف الى حكم العالم من أشباه دونالد ترمب، وشنت محاولات متكررة للضغط على الأردن ومقايضته على مواقف كثيرة أبرزها دفاعه عن المقدسات والتأمر الأميركي الصهيوني على مدينة القدس المحتلة.
"المتكسب" و"المغرض"، يعلمان تماما بان العالم الان يتغير، ويعاد تشكيله، وعلى الأخص في منطقتنا، وكل يحاول النجاة بنفسه، ولو كان على حساب الشقيق، ولا مكان للعواطف، فمن أعملوا عقولهم نجو بأوطناهم، والا فالثمن سيكون غاليا، ثمن سيكون على حساب أرواح أطفالنا، وتمزيق أوطاننا، واستباحة دمائنا، في ظل واقع عربي يعاني الانكسار والضعف والتشتت.
"السحيج" و"المندس" يعيان بان العالم قد امتلأ باللاجئين ولا مكان لهم، وأن قاع البحر وفر ملاذا آمنا وسكنا للألوف من الهاربين من الموت في أوطانهم، وان دعاة حرية الانسان في الغرب ضجوا من بعض مئات من اللاجئين الذين يعيشون الان في اضطهاد لمجرد ان ملامحهم تشبه "الارهابيين"، الارهابيون الذين سيحتلون أرضهم وعرضهم وزيتونهم فور ان يغادروه.
أنا أقف مع "السحيج" و"المندس" في ادواتهما للتعبير عن الرأي، وأقف مع الوطن، لكني لا أقف مع الاساءة أو العبث أو التخريب أو العنف، فهو ليس من صالح أحد.