رجل سير لـ «محامي»: «والله لو بعرف اني بدي اترمج غير اخالفك»

مدار الساعة - خاص - بقلم المحامي بشير المومني

قبل فترة وفي احد شوارع عمان استوقفتني شرطة السير وطلب مني رقيب السير رخصة القيادة ورخصة المركبة ، وبكل ثقة ناولته الرخص ونزلت من السيارة وتبعته الى مركبته التي بدأ من خلالها بالتدقيق على الاسم والمركبة فيما اذا كنت مطلوبا لأي جهة أمنية لاستعجاله باعتباري متأخر أصلا عن موعد مع شخصية سيادية من العيار الثقيل ..

وبالطبع كحالة اجتماعية تقليدية بدأت محاولاتي الاحتيالية على رقيب السير لأتجنب أي مخالفة على السيارة ليس أقلها نسبة التظليل التي تصل الى 70% فأبلغته بوجود موعد مع معالي ( فلان ) فنظر الي وابتسم ابتسامة لا يمكن ان يفهم منها سوى كلمة ( طز ) وأكمل اجراءاته بالتحقق من وجود تعميم على السيارة او مالكها من عدمه وقال سيتم تحرير مخالفة تجاوز نسبة التظليل ..

المحاولة الثانية كانت أكثر خبثا .. فمن خلال حديث رجل السير مع زميله والتدقيق على المركبة وصاحبها تبين لي من لهجة الرجل أنه من منطقة ( كذا ) فتم تحويل بوصلة المكر باتجاه الضرب على الوتر المناطقي والعشائري .. ( من وين انت الله محيي أصلك !!؟؟ ) رقيب السير ( من ...... ) ( والنعم .. طيب بتعرف فلان !!!؟؟؟ ) والجواب ( لأ ) وفي كل مرة كانت الاجابة نفسها عن فلان وعلنتان واخو فلان و.. و.. مع يقيني بأن الرجل يعرفهم جميعا ..

حسنا ، التكتيك الثالث .. ( عنجد بتحكي بدك تحرر مخالفة !!؟؟ ) فأمسك دفتر المخالفات وهم بكتابة المعلومات فقلت له ( يا زلمة خاف من الله جاي على واحد طفران !!) وفي تلك اللحظة كانت عين الخبرة الفاحصة تتحرك ويأتي الرد الفوري (دخانك دنهل وتلفونك ثمنه 700 دينار وبتحكيلي طفران !!؟؟ اصلا ما بصير تطلب مني ما أقوم بواجبي .. انت خاف الله).

الانتقال لتكتيك فعال والضرب على الوتر الحساس أصبح ضرورة فجرى الانتقال للتكتيك الرابع فورا .. قلت له ( انتم من الشعب لازم تشعروا معنا مو بيكفي رفع الاسعار ... يعني انتم والحكومة علينا !!!!؟؟؟؟) فوضع القلم وعندها قلت في نفسي (فرجت) فالتفت الي وقال (شو دخل الحكومة بأنك تخالف القانون لازم تتخالف علشان سلامتك الشخصية اصلا لانك بالليل مع المطر ما رح تشوف جوانب السيارة .. لا تخالف القانون ما بتتخالف) ..

الغريق يتعلق بقشة ، محاولة اخيرة لعل وعسى ان (امزط) من المخالفة التكتيك الخامس التهديد المبطن .. (طيب على مهلك شوي أحكي مع مكتب عطوفة مدير الامن العام ... ) فجاوبني بقسوة مع احمرار لوجهه ( والله لو بعرف اني بدي اترمج غير اخالفك) .. انتهى النقاش وغادرت وانا (ابرطم) بكلمات لا يعلمها الا الله .. وربنا لك الحمد ما حجز الرخصة من شدة غضب الرجل ..

في كل حادثة سطو او جريمة تقع في وطننا واشاهد بعض الناس يتهكمون على النعمة غير المنظورة ( الامن) ويحاول البعض تبريرها تحت أي بند كان أتذكر هذه القصة لرقيب السير وأدرك كم يتقدم رجل الامن بالفهم والوعي على الكثير من المتفيقهين أصحاب نمطية وعقلية التبرير وادارة القرص على النار واتذكر جيدا ما ترويه الوالدة اطال الله في عمرها وقد بلغت من الكبر عتيا كيف عاش ومات آباؤنا واجدادنا يراقبون الله في افعالهم ولا تمتد أيديهم للحرام بأي شكل مهمها بلغت قسوة الحياة .. الجريمة لا يمكن تبريرها