أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات برلمانيات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة شهادة جاهات واعراس الموقف مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

قهوة يا ولد

مدار الساعة,مقالات,الشخصية الأردنية,الدينار الأردني
مدار الساعة ـ
حجم الخط

كتب : محمد عبدالكريم الزيود
هذه جملة سمعتها في مسلسل بدوي، فتذكرت أننا شعب مسكون بالطبقية رغم فقرنا وعوزنا، ورغم غنانا، وينعكس من سلوكيات ما زلنا نتمسك بها، رغم تديننا ورغم تعليمنا لكن نتحدث كثيرا وندعي كثيرا عن المساواة ، والكثير من قيم البساطة وعدم التكبر والقناعة والرضا بالقليل، لكن ما زال مغروس في دواخلنا قيم التكبر وتصنع المشيخة والبحث عن الرئاسة والتندر على العمل اليدوي .
نطرب كثيرا للألقاب: يا شيخ ويا دكتور ، ويا سيدي .... وهذا حوّل مكاتبنا الحكومية إلى "شق عرب " ومضافات ، وحوّل المنصب إلى "مزرعة للوالد " يتوارثها " زيد عن يزيد " ، وهو يأمر المراسل : "صبّ قهوة يا ولد " ... وربما أيضا يفسر العدد الهائل من العمالة الوافدة بيننا، ويمنحنا تفسيرا لم تلك العاملات والخادمات التي تفيض بها بيوتنا .
كان الأردنيون وجلهم فلاحون وعسكر ومعلمون وصغار التجار، متساوين في المأكل والمشرب ، وأمام الجوع سواسية ، الفقير والخفير ، حتى البيوت متساوية والناس راضية ، ويعملون ويكدّون في مزارعهم ودكاكينهم ، راضون مقتنعون ، لا يكبر ولا يتكابر أحدهم على غيره ، إلا بالطيب والفروسية والمروءة .
الطفرة التي مرّت ببلادنا في الثمانينات ، أثرت على الشخصية الأردنية ، حيث إرتفعت أسعار الأراضي وكان الدولار يساوي ثلاثة دنانير ، مما رفع من القوة الشرائية وأرخص السلع والخدمات ، وأصبحت سيارة المرسيدس " اللف " ودور الحجر الأبيض مطمح كل أردني ... عام ١٩٨٩ إنهار الدينار الأردني وبيع إحتياطي الذهب ومرت البلاد بمنعطف خطير أنتج " هبة نيسان " ، والأهم بداية الأزمة الإقتصادية التي ظل يعاني منها الناس للآن ، ورغم هذا الإنقلاب لم يتعلم الأردنيون الدرس جيدا ، ولم بتنازلوا عن سلوكياتهم الإستهلاكية وما صاحبها من سلوكيات إجتماعية إلتصقت بفئات الطبقة الوسطى والثرية جراء البحبوحة المؤقتة.
العمالة الوافدة في مزارعنا ، والعاملات الآسيويات التي تنظف مطابخنا ، وحتى من يصب القهوة في بيوت الفرح والترح ، ما حاجتنا لهم .في ظل وضع إقتصادي صعب يمر بالبلاد منذ سنوات ، والكل يعاني في ظل طبقة فقيرة وطبقة باذخة وطبقة وسطى ذابت وهي تقاوم .
لنترك المكابرة قليلا ، ونترك سلوك الإتكالية الذي صنع جيلا ضعيفا فاشلا ، في ظل إنفجار معرفي وتكنولوجي حطّم الحواجز والحدود وأعاد صياغة منظومات التربية والأخلاق ، لنتغير فالعالم يتغيّر ويجب أن نتغيّر.

مدار الساعة ـ