انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

المحكمة الجنائية الدولية بين تسييس العدالة وازدواجية المعايير

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/13 الساعة 15:43
مدار الساعة,فلسطين,العراق,

الدكتور أشــــرف قــــوقـــ ـزة

تعد ظاهرة الحرب من الظواهر التي رافقت الإنسان منذ أن خلق على وجه الأرض، فتاريخ البشرية هو أقرب لأن يكون تاريخ مليء بالحروب والصراعات أكثر من كونه تاريخ سلام و تعاون بين الدول، ولكون حالة الحرب والصراع هي وضع يهدد كيان الإنسان وبقاءه، فقد أدت الحروب التي عاصرتها البشرية في العصر الحديث كالحربين العالميتين الأولى والثانيّة الى ظهور ارادة دولية بضرورة وضع قواعد دولية لمواجهة الجرائم الدولية وتجريم شتى أنواع الأسلحة التي فيها نوع كبير من القساوة واللاإنسانية واعتبارها جرائم حرب تهدد الأمن والسلم الدوليين تحقيقاً لعدم الافلات من العقاب وتكريساً للعدالة الجنائية، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة الى أن شكلت لجنة خاصة تحت اسم "اللجنة التحضيرية لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية" حيث دخل النظام الأساسي لهذه المحكمة حيز التنفيذ عام 2002 بعد تحقق النصاب.

وتختص المحكمة الجنائية الدولية بالجرائم الأشد خطورة في القانون الدولي والتي تم تحديدها على سبيل الحصر بموجب نظام روما الاساسي في أربعة جرائم هي: جرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب ،جريمة الإبادة وجريمة العدوان ولتحقيق مواجهة فاعلة لتلك الجرائم فقد نص نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة 87 منه على ضرورة تعاون الدول الاطراف مع قرارات المحكمة الجنائية الدولية الا انها لم تنص على جزاءات تفرض في حالة رفض التعاون من قبل الدول الأطراف و إنما اكتفت بجواز عرض المسألة على مجمعية الدول الأطراف أو مجلس الأمن إذا كان هو صاحب الإحالة الأمر الذي يخول مجلس الامن الحق في فرض عقوبات على الدول المخالفة وغير الملتزمة في اطار الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة والمتعلق بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

وبالرغم من أهمية الدور الذي تقوم به المحكمة الجنائية الدولية باعتبار ان اختصاصاها مكمل للقضاء الجنائي الوطني، وسعيها إلى تحقيق الردع للأشخاص الذين يعتزمون انتهاك القانون الدولي الإنساني، وتكريساً للعدالة الجنائية الدولية من خلال وضع حد للإفلات من العقوبة عن هذه الانتهاكات، وباعتبارها أول هيئة قضائية جنائيّة دائمة مستقلة أوجدها المجتمع الدولي لمقاضاة مجرميّ الحرب ومرتكبيّ الفظائع بحق الإنسانيّة وجرائم إبادة الجنس البشريّ، وكونها تحظى بولاية عالميّة، وبزمن غير محدد..

أصبحت ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين السمة البارزة التي تميز منظومة عمل المحكمة الجنائية الدولية وبات واضحاً بما لا يقبل مجالاً للشك أن هناك قانونين دوليين أحدهما للتعامل مع القضايا العربية والاسلامية والاخر للتعامل مع قضايا الدول العظمى، إذ لا يعقل أن تقوم المحكمة الجنائية الدولية باتخاذ إجراءات ضد ما تزعم أنه يقع تحت بند عدم التعاون، وفي نفس الوقت تتجاوز عن انتهاكات واضحة في أماكن أخرى لا تحتاج إلى ما يثبتها نظراً لتوافر الأدلة القاطعة على ارتكابها، إلا أنها تغض الطرف عن تلك الانتهاكات، فبدلاً من التزام المحكمة الجنائية الدولية الصمت التام في العديد من القضايا التي ارتكبت فيها جرائم فظيعة في شتى أنحاء العالم، وكان لمنطقة الشرق الأوسط النصيب الأكبر منها، كان عليها تحقيقاً للعدالة الجنائية وعدم الافلات من العقاب أن تناقش الانتهاكات الفعلية التي تحدث في الأراضي الفلسطينية والعراق وسوريا ولبنان، والروهينغا، وأمام هذه الازدواجية وغض الطرف عن الكثير من الانتهاكات التي تمارس يومياً حول العالم بشكل عام وفي الشرق الأوسط بشكل خاص تكشف المحكمة الجنائية الدولية من جديد النقاب عن تسيسها لقراراتها وابتعادها عن هدفها الأسمى الذي من اجله انشأت وهو تحقيق العدالة الدولية بكل شفافية ودون تمييز وبعيدا عن المؤثرات السياسية والضغوط الدولية.

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/13 الساعة 15:43