تولد الهجرة من رحم الظلم والجهل وهي سنة الله في خلقه وفي عباده المؤمنين ولقد هاجر سيدنا ابراهيم عليه السلام وقال (اني ذاهب الى ربي سيهدين) سورة الصافات الاية 99 وهاجر سيدنا الياس عليه السلام الى الجبل ولحق به قومه واهلكهم الله بدعاء الياس عليه السلام فاحرقهم ، وهاجر سيدنا نوح وسيدنا هود وصالح وهاجر اصحاب الكهف للنجاة والفرار بدينهم (نحن نقص عليك نبأهم بالحق انهم فتية امنوا بربهم وزدناهم هدى) الكهف اية 13.
وها هي الكائنات الحية تهاجر من مكان الى مكان وها هو طائر السنونو يقطع الف ميل فوق البحر وكذلك الاسماك وكائنات اخرى لامجال لذكرها وذكر الحكمة من هجرتها او مهاجرتها.
شهد الاسلام مجموعة من الهجرات كان اولها هجرة مجموعة من الصحابة الى الحبشة بغرض الامن والسلامة وهروبا من الظلم وكانت الوجهة الى حيث يوجد ملك عادل لايظلم عنده احد وهو النجاشي ملك الحبشة وقد صلى عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب.
ولقد هاجر سيدنا محمد الى الطائف طالبا النصرة وتوجه مهاجرا الى القبائل ولم يلقَ من هؤلاء الا الصد والنكران وكانت البضاعة غالية والمشترون جاهلين فحق فيهم قول الشاعر.
اذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ان لاتفارقهم فالراحلون هم .
ولقد كانت الهجرة هجرة ايمان وكانت هجرة اقامة الدولة الراسخة الماكثة في الارض عمادها الايمان والمحبة بين الاخوة ولم تقم بنصرة الابن والعائلة والعشيرة والبلدة وهي بلا شك حكمة الخالق عز وجل لاعلاء كلمته في الارض.
لنبتعد ايها الاخوة عن سرد وقائع رحلة الهجرة على اهميتها ولنأخذ الدروس والعبر منها ولنمارس الهجرة فعلا لا قولا وان الهجرة عبادة وسلوك وان يبدأ كل واحد فينا ويهجر سلوكه اليومي الخاطئ، وان نهجر سلوك الظلمة والفاسدين وان لا نساعدهم على ظلم قط وان نمارس الهجرة عبادة وسلوكا نبني بها بلادنا ونرفع بها من شأن امتنا لما فيه خير البلاد والعباد والله ولي التوفيق.
