يكمن الحب في الأشياء الصغيرة في بيت أمي ، ربما يختزل الحب في قلائد الباميا التي كانت تجففها وتعلقها في سقف المطبخ ، ثم إن حان الشتاء تذيبهن بالماء الساخن ، وتستدفئ بهن أجوافنا نحن الصغار ، أو أن تمارس هواية دق الزيتون الأخضر "للكبيس" ، ويا ما "قرضت" إصابعها وأغمضت عينيها ورسمت إبتسامة ملؤها الوجع ....!
الحب في مذهب الأمهات ، عودة راعي البيت ، رجوع الإبن المسافر ، شفاء المريض ، فرح البنت الصغرى ، هكذا هن دوما منبعا للحب ومصبا له ، هو إرتشافة فنجان القهوة الأول عند الفجر ، وطعم حبة التين البكر قبل أن تمتد إليها أصابع الآخرين .
الحب صنيعة النساء ، تختصره بمدرقة طفح صدرها بالتطريز ألوانا من الغواية ، أو ربما كان كحلا سرقته خلسة، ولربما كاد المرود بجرح طرف الرمش ... والحب والغوى في عرف البنات ربما كان "شكّا" منششل " برباع " و"ليرات " "رشادي أو عصملي" ، يثير صوت دندنتهن حسد وحنق النسوة في الأعراس .
الحب يسكن في صوت الزغاريد ، عندما تقترب الأصابع وقد تزينت بالخواتم من الشفاه اللواتي تشققن من عين الشمس وقد خذلهن الظل .
الحب هو التفاصيل التي ما زلنا نذكرها ، تنام في عطر الغائبين وبقايا صورهم في الذاكرة المثقوبة ، والحب كان نقيا عندما كان الصدق والبراءة والثقة هم العملة الصعبة في سوق الدنيا ...!