خلود الخطاطبة
أي بشاعة تلك التي وصلت بنا الى عدم احترام موتانا، فكيف عندما يكون المتوفى رضيعا لم يتجاوز عمره ساعات، المصيبة الأولى تمثلت بوضع احد مستشفيات محافظة الزرقاء لجثة رضيع متوفى في ثلاجة لحفظ الطعام لعدم وجود ثلاجة موتى، والمصيبة الثانية ارتكبتها وسائل اعلام بنشر فيديو يظهر صورة وجه الرضيع في كفنه البلاستيكي الصغير.
في المصيبة الاولى، الكل ملام، سواء وزارة الصحة او المستشفى او الكادر الطبي المشرف على الرضيع، ويجب ان لا تكتف وزارة الصحة باقل من اغلاق هذا المستشفى الذي يقال بانه رخص وفق أسس قديمة لا تشترط وجود ثلاجة موتى.
أليس على المستشفيات توفيق أوضاعها وفق اي تشريعات تصدر لاحقا حتى وان تم ترخيصها استنادا لتعليمات قديمة، فعمل المستشفيات يتعلق بصحة الانسان قبل أن يكون مشروعا استثماريا أو خدميا محددا بشروط ترخيص فقط، وكان يجب على وزارة الصحة الزام نفسها بتوفير كل ما يتعلق باحترام الانسانية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالموت.
هذا مستشفى، ومن يقوم بتوفيق أوضاعه، وزارة الصحة المشرفة عليه، وعدم وجود ثلاجة موتى ليس مبررا باي حال من الاحوال للمصيبة التي تم ارتكابها بحق الرضيع، كما كان على الكادر الطبي في المستشفى التعامل مع الأمر بانسانية أكثر لا ان تكتفي الممرضة التي ظهرت في الفيديو في معرض اجابتها على استنكار ذوي الرضيع بوضعه في ثلاجة طعام بعبارة «لعاد وين بدنا نحطو؟».
ما يؤلمك، بان مثل هذه الأمور التي تحدث لا تعكس الصورة الحقيقية للواقع الطبي في الاردن، وتساهم في تشويهه، وليس الاعلام هو من يقوم بالتشويه كما يزعم بعض العاملين في القطاع الطبي، بل أن من يعمل على تشويه القطاع مثل هذه التصرفات والاجراءات من قبل كوادر طبية كان يمكن تفاديها لو تم التفكير للحظة بعواقب الأمر، أو حتى لو فكر من أمر بوضعها في ثلاجة الطعام بان الرضيع قد يكون ابنه او ابنها، لكنني أجزم بانه لا يقبل أو تقبل أن يعامل طفله أو طفلها بما عومل به الرضيع «الجميل».
في المصيبة الثانية، وهي انتهاك حرمة الأموات بنشر وسائل اعلام الفيديو واظهار وجه الفتاة، كان يمكن تفاديها، فالأصل في الاعلام الكشف عن ممثل هذه الممارسات المسيئة والمخالفة للقوانين، لكن باقصى حدود الاخلاقيات التي تفرض احترام الميت وعدم اظهار وجهه أمام الجمهور، فكيف عندما يكون الوجه بهذه البراءة التي يصعب معها تصديق انها جثة، بل رضيع نائم.
نشر الفيديو دون اظهار الوجه كان سيحقق غرضه، ويفضح القضية، خاصة وان الحوار الدائر في الفيديو يثبت أن الجثة تعود لرضيع وضع في ثلاجة طعام (حفظ أدوية) يعلوها ابريق لتسخين المياه، وما تصرف ذويها بالكشف عن وجهه الا نوع من التأكد ولاستيعاب بشاعة هذا التصرف، لكن كان الخطأ عرضه أمام الجمهور.
لا يسعني الا ان أردد عبارة ذوي الرضيع «لا حول ولا قوة الا بالله»، واتقدم كأم باعتذار منهم عن هذا التصرف المسيء للانسانية، وكان بودي لو اتيح لي احتضان هذا الرضيع وتقبيله والاعتذار منه ايضا عن هذه الاساءة التي حصلت بحقه خلال السويعات التي قضاها نائما بين «البشر».
الدستور