يوسف عكروش
أخذ مصطلح داعش .. داعشي .. دواعش بعده بعد ظهور- تصنيع- تنظيــم ارهابـي مجــرم بهذا الاسم بلبــوس دينـــي ويخفـــي تحت عباءته سلوكاً قبليــاً عصبوياً همجيــا يذكرنا بالزير سالم وثارات كليب وداحس والغبراء.
تنظيم داعش يرفض كل وسائل العلم والعقل ويستخدم كل مخرجـــ ات العلــــم لخدمـــ ة أغراضه لجـــ ـر المجتمعات العربية والعالم الى ما قبل العصور الحجرية وفي الوقت ذاته ُيكّفر العالم.
ولكن المصطلح أصبــــح متـــداولاً بشكـــل كبيــر اجتماعياً ليعبـر عن التعصــب الأمى والأعمى والجاهل والحاقد الرافــــض للآخر والذي يمتلــك وحــده الحقيقـــة ومفاتيــح الأرض والسماء وفي الوقت نفسه يفرض نفسه وصياً وولياً على الناس ووكيل الله على الأرض.
والمراقب لما يدور من سجالات ولا أقول حوارات.. على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي حول دور القبيلة والعشيرة والعشائر يلمس وببساطة نفس الفكر والسلوك من رفــــض الآخــــر والعصبــوية العميـــاء والعـــداء للتجديــد أو التطــور والتحديــث والتنكر للمدنيــة ومن ينادي بها بالرغم من التباهي بها أحيانا والعيش والتمتع بمظاهرها ومخرجاتها لكن يبقى داخل كل منّا الزير سالم؟
الشباب الذي يحمل الشهادات وصُرِف عليه عشرات آلاف الدنانير وعاش في مدن الدولة المدنية والمواطنة سنين طويلة يعلن وينادي بدور وضرورة العودة الى القبيلة والعشيرة في ادارة أمور الدولة وشؤونها! بالرغم من أن السيارة والموبايل والتلفاز وبيوت الحجر والعطور وغيرها هي نتاج الدولة المدنية وليست نتاج العشيرة أو القبيلة!؟ الى أين يريدون العودة بنـــا وبمجتمعاتنـــ ا؟ هنـــ أ نسأل بماذا نختلـــ ـف عن الدواعـــ ش.. فنحن نريد العيش في الماضي وفرضه على غيرنا وهكذا تفعل داعش؟!
هنا لا بد من التكرار:
"إن العشائرية تشكيلة اجتماعية اقتصادية تشكلت في ظل ظروف تاريخية معينة فرضها مستوى تطور علاقات الإنتاج ما قبل الرأسمالية وبناء الدولة الحديثة وكانت علاقات هذه التشكيلة الاجتماعية تقوم أساسا على التكافل الاجتماعي والأمن الجماعي وكانت العشيرة والقبيلة هي الملاذ والهدف فلها الولاء والأولوية على كل ما عداها وهي ليست مجرد علاقة قربى وشراكة بالاسم. واليوم، ما الذي تبقى من العشائرية؟
نعم لدينا اليوم عشائر ولكن بالقطع والجزم أقول لم يبق لدينا علاقات عشائرية بالمعنى العلمي للمصطلح التاريخي. لقد حلت علاقات الإنتاج الجديدة محل العلاقات العشائرية وسقط مبدأ التكافل الاجتماعي ووفر بناء الدولة الحديثة الحماية والأمن، وبالتالي لم يتبق من " العشائرية " إلا " الذهنية " والوعي العشائري وما يبنى عليهما من سلوك سياسي. لقد جرى العمل على تعزيز الذهنية والوعي العشائري وتقويتهما خلال العقود الماضية بمختلف الممارسات لتكون البديل عن العمل السياسي الاجتماعي المنظم ويقوم بتعزيزها وإنعاشها ضعف الحياة الحزبية. كذلك يسعى، وبشكل دوري، لإنعاشها وإحيائها أصحاب المصالح الباحثين عن الدعم والحماية والساعين للوصول إذ قد توفر لهم هذه الأطر السبل لتحقيق مآربهم ومطامحهم. بالاضافة الى العمل الحثيث للسلطة للآبقاء على الأوضاع على ما هي عليه لما فيه خيرها!؟
إن وجود هذه الظاهرة مناف وبكل تأكيد لمنطق التطور الاجتماعي وعلى حساب الانتماء للوطن والولاء له و إضعاف للبناء الاجتماعي المدني. إن استغلال هذه الظاهرة، والذي يكون في الغالب من قبل المتنفذين وأصحاب المصالح والطامحين الذين يستغلون علاقات الدم وصلة الرحم والشراكة بالاسم لتنفيذ مآربهم، مرفوض واستثمار عواطف الناس تجاه صلة الرحم غير مقبول وإنما يؤذي الوطن ويغيب المعاني الجميلة للمواطن ويعزز التشرذم ويعيق التطور باتجاه المجتمع المدني.
نحن لا نريد مجالس بلدية تُمثل العشائر – مجلس عشائر- بل مجلس يمثل الاسم الذي يحمل، مجالس بلدية، وتُمثل كافة أبناء الوطن وتعبر عن طموحاتهم وتحمل همومهم وآمالهم. أما ما هو جار الآن فلا يمكن أن يؤدي إلا إلى مجالس عشائر".