أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

كارثة الخليج المصطنعة.. قراءات ودلالات

مدار الساعة,مقالات,عيد الفطر,قطاع غزة,جامعة الدول العربية,حركة حماس,حزب الله
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مضت نحو ثلاثة أسابيع على كارثة الخليج المصطنعة التي أفسدت علينا كمسلمين اولا فرحة قدوم شهر رمضان المبارك ومن بعده عيد الفطر السعيد، بفرض حصار على شعب مسلم شقيق وجار في دولة قطر، وحشر قطر فجأة وبدون مقدمات في زاوية الإرهاب والتحريض عليها والدفع لأمريكا ترامب للقصاص منها.

إن أردت الإسراع في الوصول إلى كنه الحقيقة، فعليك التدقيق في سر التوقيت الذي إنفجر فيه الحدث بغض النظر عن ماهيته،وتوقيت إنفجار كارثة الخليج المصطنعة يعطينا كل الدلالات عن ماهية هذه الكارثة،فانفجارها جاء بعد زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للرياض،وبحسب التسريبات التي نشرت هنا وهناك من جهات شاركت في القمم الثلاث،فإن دولة قطر رفضت الإنصياع للإبتزاز ودفع نصف تريليون دولار لترامب، الذي أمر قبل طيرانه للخليج أن تدفع كل من السعودية والإمارات وقطر ما قيمته تريليون ونصف التريليون دولار، ليأخذها معه وهو قافل إلى بلاده ليقول لشعبه الرافض لبقائه في البيت الأبيض أنه أحضر لهم مبلغا ضخما لإنعاش إقتصادهم وتوفير فرص العمل لهم نظير حماية امريكا للخليج، والدول بطبيعة الحال على أوروبا الغربية وكوريا الجنوبية واليابان.

فجأة جرى تصوير دولة قطر على انها دولة مارقة وترعى الإرهاب، مع أن ترامب أكد للشيخ تميم أثناء زيارته له في مقر إقامته بالرياض أن قطر شريك أساسي في محاربة الإرهاب، ولا يهمنا هرطقات ترامب بعد ذلك من تلميح فتصريح بأن قطر تدعم الإرهاب،وكل ذلك من أجل شفط ما يمكن شفطة من اموال قطر.

لو فتحنا سجل الإرهاب فلن نتمكن من غلقه لتفرعاته وتشعباته الخطيرة، ففي أواخر عهد الرئيس أوباما أصبنا بالذعر لحراك امريكي على اعلى المستويات، بتصنيف السعودية على انها راعية الإرهاب وتم تحميلها زورا وبهتانا أوزار جريمة إنهيار البرجين الإرهابية، التي إتضح للأمريكيين في نهاية المطاف أن مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيوينة ممثلة بذراعها الإرهابي الموساد، هي التي نفذت الجريمة،ومع ذلك تداعى الجمهوريون في الكونغرس إلى إتهام السعودية بالإرهاب وأقيمت الدعاوي وكان يفترض أن تتكبد السعودية مبالغ مهولة لجريمة لا ناقة لها فيها ولا جمل.

بمعنى أن الآخر الذي وجد ضالته فينا في ظل إنهيار الإقتصاد العالمي،ليسهم في تعميق كارثة الخليج كي يكون له سهم ودور في الحل، نظير التوصل إلى حلول ترضي الجميع بعد إنهاكنا جميعا سيكون هو الكاسب الأكبر، فلنا في كل دول الخليج العربية أهل هم الشعب السعودي والقطري والإماراتي والكويتي والعماني والبحريني.

وتحضرني هنا قصة الفأر الذي لجأ إليه إثنان من المتخاصمين حول تقسيم قطعة جبنة بينهما، وقد سر الفأر بقدومهما إليه وأمّن عشاءه في تلك الليلة دون تعب ناجم عن مطاردات هنا أو هناك، وبدأ بتوزين قطعة الجبة مناصفة، وكان يأكل من هذه الحصة او تلك لضمان العدل في الميزان، إلى أن أتى على القطعة كاملة، وعندها خرج المتخاصمان دون أن يحصل أحدهما على غرام واحد من الجبنة فباتا جائعين عكس الفأر.

تسارعت الأحداث ودبت الكراهية في الخليج أسرع من النار في الهشيم، ووجدنا أن عملا عسكريا ضد قطر على وشك الحدوث،لكن قطر كانت تتحرك بوتيرة أسرع وإتسمت دبلوماسيتها بالهدوء والحكمة والعقل، وإستغلت حدودها الجديدة لغريزة البقاء، وكان النتيجة أن رأينا الطرف الآخر بات يميل للتهدئة، وخاصة بعد أن تم تفعيل التحالف العسكري القطري –التركي، الذي أزعج الجميع،رغم وجود إتفاقيات دفاع مشترك بينهم وبين أمريكا ولكن يبدو أن طعم "..."الغريب حلو، ناهيك عن تفاعل إيران مع الأزمة إيجابيا مع قطر لكسر الحصار، وبالتالي لا يجوز لأحد أن يقول أن إيران هي التي تتمدد في المنطقة، بل نحن الذين ننسحب امامها،ويحق لها أن تفتخر بوقفتها مع قطر.

دخلنا مؤخرا مرحلة جديدة في الصراع وهي فرض شروط مستحيلة على قطر وأبرزها "شطب" الجزيرة وبناتها، والتخلي عن جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس، ويهمني الغوص في هذه الأقانيم الثلاثة لتفسير التشديد المضاد عليها، ولأبدأ بقناة الجزيرة التي شهد لها الجميع بسبق تغطية الحدث، وإن لم يرق للبعض طريقة تعاطيها من الأحداث فلكل رأيه ووجهة نظره، وعموما فإن الجزيرة فتّحت عيوننا على أمور كان الجميع يجهلها،ولا يضيرها إن قيل أن لها أجندة خاصة،وتبقى أفضل من القنوات التي تشيع الفاحشة وتسوق لزواج المثليين في العالم العربي .

السؤال :لماذا التشديد على إغلاق الجزيرة وليس إجراء آخر،والجواب هو أن هذه القناة أسهمت في فضح جرائم الإحتلال الصهيوني الإرهابي الرسمي،ولذلك وبحسب الخطة غير المدروسة جيدا،فإنه لا يجب أن تكون الجزيرة حاضرة لتغطية العدوان العربي - الصهيوني المرتقب على قطاع غزة، ويجب ألا تكون حاضرة في تغطية الهجوم الصهيوني المرتقب على لبنان لتصفية حزب الله بعد إنهاكه وتشويه صورته في سوريا،وهذا ما تحدثت عنه وسائل الإعلام العبرية.

قالت صحيفة هآرتس العبرية قبل أيام أن المطلوب من وراء إسكات الجزيرة هو إسكات المعارضين الخليجيين الرافضين للتطورات السيئة المرتقبة، وتضيف أن دولا عربية ستدعو بعد العدوان المرتقب على غزة، إلى مؤتمر لمصالحة فلسطينية عباسية –دحلانية وتكليف دحلان بتشكيل قيادة فلسطينية موحدة، لتقوم دولة خليجية بعد ذلك بالدعوة إلى مؤتمر سلام دولي شامل يضمن تصفية القضية الفلسطينية والإعتراف بيهودية الدولة وإقرار إجراءات التوطين الفلسطينية في الأردن على وجه الخصوص، وهذا ما رفضته دولة قطر بحسب تسريبات القمم الثلاث في الرياض.

كما أن الإخوان المسلمين الذين تحتضنهم قطر وحركة حماس وفق اتفاق خليجي قد إنتهى دورهم وبات التخلص منهم أمراً واجب التنفيذ لعدم انضباط قواعدهم بعد إندماج مستدمرة إسرائيل في المنطقة قريبا، دون النظر إلى وثيقة حماس التي كرست رسميا نهج منظمة التحرير الفاشل في التوصل إلى حل مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيوينة، ومع ذلك إتهموها بالإرهاب، رغم استقبال الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز لقادتها ورعاية السعودية لمصالحة بينها وبين السلطة لم تر النور في الحرم المكي الشريف، وهناك تساؤلات مشروعة في هذا المجال منها أن الإخوان المسلمين في اليمن حلفاء للتحالف فكيف يتعامل معهم وهم إرهابيون، ناهيك عن إخوان ليبيا وتحالفهم مع الإمارات؟

مظاهر ملفتة للنظر تفضح هذا الملف وهي أن الأدوات الفاعلة واهمها مجلس التعاون الخليجي قد تم تغييبها عن المشهد، مع أنه تأسس من أجل بحث المشاكل في حال حصولها،كما غيبوا ما يطلق عليها جامعة الدول العربية "يرحمها الله "ومنظمة التعاون الإسلامي وهي من المؤسسات المعنية جدا بمثل هذه الملفات.

عموما فإن قطر تتعرض لمحاسبة قاسية لتغريدها خارج السرب في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ورفضها ليهودية الدولة، وجاء الإرهاب كشماعة لم يتم إنتقاؤها بعناية، وقد خرجت دولة قطر وستخرج في نهاية المطاف أقوى مما كانت عليه بتحالفاتها المدروسة، ولا يغيبن عن البال الإتصالات القطرية- الروسية وتأثير ذلك على الأحداث في سوريا على سبيل المثال، كما لن ننسى موقف ألمانيا المؤيد لقطر وكذلك بريطانيا وآخرين ممن يبحثون عن مصالحهم.

مدار الساعة ـ