"فقد انصب حرصنا دوما على محاورة الشباب والتوجه إليهم لكي نستلهم من عزمهم ومن طموحهم المتوثب ما يحفزنا كلنا في الأردن العزيز، في سبيل أن نقدم لهم، شبابا وشابات، سبل الإنجاز والنجاح والاستعداد للمستقبل الواعد" هذا الاقتباس عن كلمة لجلالة الملك في العام 2007 بمناسبة اليوم العالمي للشباب يشير إلى مشروع استراتيجي ملكي بدأنا كما أرى بقطف ثماره.
اليوم تأتي ذكرى ميلاد جلالة الملك الستون في مرحلة يطرق من خلالها المجتمع والدولة الأردنية على حد سواء أبواب التغيير والتحول نحو المستقبل متزامنا مع بدء المئوية الثانية من عمر الدولة التي خطت خلال المئة عام الأولى مسيرة من الإنجازات والنجاحات التي لا يمكن إنكارها، وتأتي المئوية الثانية وقد قدم جلالة الملك بالتزامن مع احتفالاتنا بالمئوية الأولى رؤية أعلن للعالم أجمع من خلالها أن الأردن قادر على الوقوف صامدا أمام كل التحديات المحلية والإقليمية التي واجهت وتواجه الأردن، وأننا قادرون بكل حزم وجدية على تجاوز كل المعيقات لبناء مستقبل أفضل لأبنائنا.
الحكومة أيضا تحاول جادة كما أعلن رئيسها دخول المئوية بمشاريع وطنية كبيرة تليق بالأردنيين ومستقبلهم، وهنا أظننا بحاجة لإعلان الأدوار التي ننوي نحن القيام بها، أو التي تتوجب علينا نحن كشباب بالتزامن مع هذه المرحلة الوطنية الهامة، التي تعتبر مخرجات اللجنة الملكية لإصلاح المنظومة السياسية وإقرار التعديلات الدستورية الأخيرة أبرز ملامحها، وتتزامن مع تحولات مجتمعية وإجرائية على مختلف المستويات والمؤسسات، بل وتصاحبها تغييرات بنيوية على المستوى الشعبي العام، وستستمر حتى نصل جميعا للمشهد الوطني الذي يليق بمستقبلنا ودور وطننا في المنطقة والعالم، ويعزز ما بناه الأجداد والقيادة الهاشمية عبر مئة عام مضت.
بالتزامن مع احتفالات الستين عاما على ولادة الملك تبادر إلى ذهني قسم كنت قد أطلقته امام جلالته في زيارته لجامعة اليرموك في العام 2008 "بأننا يا جلالة الملك لن نتوقف أمام عرض مشكلاتنا وتحدياتنا أمامكم بل سنكون جزءاً من حلها ومواجهتها"، في ذلك اليوم كنت أحد طلاب كلية الإعلام الوليدة آنذاك، واظنني حققت جزءا من وعدي بأن أصبحت اليوم أكاديميا في ذات الكلية التي وضع جلالته حجر الأساس لها، واستمر دعمه لها ولنا حتى يومنا هذا، وما زلنا نسعى لتقديم ما يمثلنا ويليق بوطننا وقيادته.
كثر هم الشباب الذين قدموا ويقدمون للوطن جهدا حقيقيا على المستوى العلمي والعملي وفي كافة الميادين الوطنية، بل ويمثلون الوطن في مختلف المحافل الدولية خير تمثيل، ويواصلون الليل بالنهار لتحقيق طموحاتهم التي نذروها للأردن، لكن ما نحتاجه اليوم هو زيادة العمل من أجل الوطن، أو في أقل تقدير أن نضع أمام أعيننا رؤية واضحة للدور الذي يترتب علينا القيام به ضمن الرؤية الملكية الواعدة، فنحن مطالبون بإنشاء الأحزاب والتيارات السياسية التي تحمل أفكارنا وتوجهاتنا بل وقيادتها ، كما نحن مطالبون بالعمل الجاد من أجل التنمية المستدامة وفي مختلف القطاعات التي تتطلب منا الوجود الفعلي كشباب قادر على صناعة التنمية.
اليوم لا بد أن يكون عنوان المرحلة بالنسبة للجميع هو إطلاق قسم حقيقي بأن نكون موجودين في مجالس البلديات والمحافظات (اللامركزية) والمجالس النيابية القادمة، وأن نكون في مقدمة الأحزاب والتيارات السياسية الناشئة والموجودة بالفعل، وأن نصنع التميز كل في مجاله وقدر استطاعته، نحن مطالبون بأن نزرع الأرض البور ونحييها، وأن نختار مساراتنا المهنية التي تخدم مستقبلنا، مطالبون بأن نبحث عن الحقيقة بعقلانية وأن لا ننجرف نحو الشائعات التي تستهدف الوطن، وأن نكون صناع المعرفة والحقيقة بدلا من كوننا جمهورا لصناع الوهم، فإيماننا برسالتنا الوطنية هو الدافع الحقيق نحو التغيير الإيجابي الذي نريد.
ختاما استحضر جانبا من كلمة ملكية للشباب "الشريحة الأكبر في هذا المجتمع هي أنتم الشباب ومن حق الأكثرية بل من واجبها قيادة المسيرة وإحداث التغيير ولذلك يجب أن نستمر في الاستثمار في الشباب من خلال التعليم والتدريب وتزويدهم بالمهارات والخبرات حتى يظل الشباب الأردني على درجة عالية من الإبداع والتميز وبذلك يكون دور الشباب موجود ومؤثر في صناعة القرار" وكلي أمل وثقة بأننا اليوم سنكون الأكثر تأثيرا في صناعة القرار، وأن المساحة المتاحة امامنا هي مساحة واسعة نستطيع أن نقدم من خلالها الدور الذي نريد.