يقرأ كثير من الناس القرآن الكريم ويتعلمون كيفية تلاوته بشكل صحيح ولكن ينسون تَدَبُرِهِ كما طلب الله من عباده (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (النساء: 82)). ولا نريد أن نكون ممن وصفهم الله بأن قلوبهم مقفله عن تَدَبُرِهِ (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (محمد: 24)).
وكما قال الرسول ﷺ لو تدبرنا آية واحده من القرآن وعملنا بها أي طبقناها عملياً في تعاملنا مع الآخرين لكان لنا خيراً من عبادة الله الدهر كُلِّهِ، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: يسير الفقه خير من كثير العبادة، وعن ابن عمر عن النبي ﷺ قال: مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة. وعن علي رضي الله عنه قال: العالم أعظم أجراً من الصائم القائم الغازي في سبيل الله، وعن أبي ذر وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوع، وباب من العلم نُعَلِمَهُ عُمِلَ به أو لَمْ يُعْمَلُ به أحب إلينا من مائة ركعة تطوعا، وقالا: سمعنا رسول الله ﷺ يقول: إذا جاء الموت طالب العلم، وهو على هذه الحال مات وهو شهيد. فبإختصار تَدَبُرِ آيات القرآن وتوضيحها لمن لم يتدبرها أجرها كبير عند الله. فعلينا أن نتدبر الآيتين (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (الذاريات: 22 و 23))، لما فيهما من إعجاز ربَّاني كبير. فالآية الأولى تُعْلِمُنَا بأن الرزق المكتوب للإنسان في السماء وليس في الأرض ولو كان في الأرض لربما ما سقى إنسان إنساناً آخر شربة ماء، فنحمد الله أن أرزاقنا في السماء وليس في الأرض.
وأما تَدَبُرُنَا للآية رقم 23 وهو لماذا لم يقل ربُّ العالمين مِثْلَمَا أَنَّكُمْ تَسْمَعُوْنَ أَوْ تَرَوْنَ؟. فالجواب هو أن السمع يمكن علاجه من قبل الأطباء بوضع سمَّاعة في الأذن أو غيرها وكذلك البصر يمكن علاجه عن طريق إجراء عملية لتغيير العدسة أو زراعة شبكية أو غيرها، ولكن إذا تعطل النطق لسبب من الأسباب لا يمكن علاجه لو إجتمع جميع أطباء الإختصاص في العالم.