بقلم حازم غالب الفايز
اعجبتني كلمات لأحد المحاضرين المتميزين حين قال (الجنسية في النفوس لا بالنصوص )وضمن ذلك في سياق حديثه عن المصالح العليا للوطن وما يجب أن يراعى لتلك المصالح من اجراءات وتصرفات وقرارات يكون هدفها تحقيق المصالح التي تعود على الوطن بالنفع والفائدة وهذا ما ينم عن فكر جميل وعظيم محوره و أساسه الوطن و مصلحته
وهذا ما جعلني افكر بتلك المقولة مطولا وأنا أحاول أن أسقطها على واقعنا الذي بات فيه جلد الذات و انتقاد كل ما يحدث على أرض الوطن حديث شبه يومي واصبح التشكيك دون مبرر او سبب أو حجة مقنعة في كل شيء نهج فكر وحياة
ومن هنا بدأت ابحث عن المعاني و التعريفات التي تعنى بالوطن والمواطنة فوجدت من التعاريف للوطن بالحروف والكلمات انه مكان الإنسان ومحله أي بمعنى آخر المكان الذي يرتبط به الشعب ارتباطا طويلا وأيضا يعني المنطقة التي تولدت فيها الهوية الوطنية للشعب
وهناك أيضا تعريف مهم للغاية والذي يعني بأن الوطن هو المكان الذي يولد فيه الشخص أو عاش فيه ويكون له ارتباط عاطفي خاص به اذ يشعر بالانتماء إليه
ومن التعاريف أيضا أن الوطن هو مكان إقامة الإنسان ومقره و إليه انتمائه ولد فيه أم لم يولد
اما بالنسبة لمعنى او تعريف المواطنة فنجد لها اكثر من تعريف والتي منها تمتع الفرد بعضوية بلد وحصوله على امتيازات تلك العضوية وما تكفله الدولة له من حقوق وما تفرضه عليه من واجبات والتزامات وأيضا قد تعني مشاركة الفرد في أمور وطنه وما يشعره بالانتماء إليه
ومن الممكن القول أن المواطنة هي المشاركة والمساهمة الفاعلة لتحقيق المصلحة العامة ويوجد الكثير والكثير من المعاني والتعاريف والمفاهيم لكلمة الوطن والمواطنة و العديد من التفسيرات لتلك المعاني والمفاهيم تم وضع القوانين و الضوابط والتعليمات التي تختص بتنظيمها وتطبيقها ضمن نصوص مكتوبة
ولكن هل تلك المعاني والتعاريف والنصوص المكتوبة تجعلنا ننتمي للوطن أو أن نطبق مفهوم المواطنة
بالتأكيد لا يمكن أن يكون الانتماء للوطن مجرد كلام يردد باستمرار دون وازع حقيقي يولد المشاعر في النفس ويحثها على حب الوطن والانتماء له
فالانتماء وحب الوطن هو شعور خارج عن النصوص المكتوبة ولا يمكن حصره بنص يعبر عنه وبذلك يكون الانتماء للوطن في الرخاء والشدة والعسر واليسر وفي السراء والضراء وليس بحسب المصالح والأهواء
وهذا ينطبق أيضا على المواطنة ومفهومها
فالمواطنة الصالحة هي التي ترتكز على الانتماء المطلق للوطن وليس على مبدأ حقوق وواجبات فقط ولكن تضحيات ومراعاة مصلحة الوطن في كل ما يصدر عن من يتمتع بحق المواطنة افراد أم جماعات و ان كان إيماء او تصريح او حتى تلميح
فإن الانتقاد الدائم وجلد الذات والتشكيك في كل شأن وأمر يخص الوطن لا يأتي بخير ولكن يزيد من الاحتقان والإحباط وهذا ما يجعلنا أبعد ما نكون عن واجباتنا تجاه الوطن و مفهوم المواطنة الصالحة والتي أساسها الانتماء للوطن ولا يعني ذلك عدم ابداء الرأي و وجهات النظر أو حتى الانتقاد ولكن يجب أن تكون الدقة والموضوعية والمنطقية أساس الطرح ويجب تحري الصدق والمصداقية في ما يتم تداوله وعدم الانجرار وراء الأقاويل والإشاعات
فلقد آن الأوان بأن نخفف من حدتنا في انتقاداتنا لكل ما يمس وطننا ومواطنتنا وأن لا نركز فقط على النصوص في انتمائنا لوطننا وأن لا تكون مواطنتنا محصورة في تلك النصوص
بل يجب علينا والمطلوب منا في ما هو قادم ان نجذر مفهوم الوطن والمواطنة في النفوس فإذا ما استوطنت تلك المفاهيم النفوس ظهرت الافعال التي تعكس حقيقة الانتماء و أصبح النقد بناء ذو فائدة وكبر إدراكنا لحجم المسؤولية التي تقع على عاتقنا لما يصدر عنا
حفظ الله الأردن ارضا وشعبا وقائدا