انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

العساف يكتب: ماذا بعد؟

مدار الساعة,مقالات,قطاع غزة
مدار الساعة ـ نشر في 2021/05/22 الساعة 21:49
حجم الخط

وقد وضعت الحرب أوزارها وتوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة المحاصر، وبدأنا نسترد أنفاسنا ونستعيد واقعنا.. ماذا بعد؟
أين كنا؟ وأين نقف الآن؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟
بعيدا عن حسابات الربح والخسارة، التي هي أحيانا تكون "وجهة نظر"، أكثر منها حقائق ومعطيات، فإن هناك ما هو أبعد من المادي المحسوس.
ولمزيد من الشرح: العدوان الأميركي على فيتنام خلّف مليون ضحية فيتنامي و65 ألف قتيل أميركي.. ورغم البون الشاسع في الخسارة، ناهيك عن الدمار الذي لحق بأرض فيتنام، اعتبر العالم أجمع، وحتى الأميركيون أنفسهم، أن فيتنام هي التي انتصرت، والجزائر من قبلهم قدمت 1,5 مليون شهيد للتحرر من الاستعمار الاستيطاني الفرنسي.
أول المُلاحظِ أن خيار "المقاومة" عاد بقوة بعد أن ظن كثيرون أنه أصبح مستحيل المنال، وذلك بفعل "الاعتدال" العربي المتأمرك، وتمييع "الممانعة" للمصطلح الذي يُسمِعُنا جعجعة ولا يرينا طِحنا.
خيار "المقاومة"، (السلمية أو المسلحة) صار قناعة أكيدة لدى جميع الفلسطينيين، ولدى جميع الشعوب العربية، وبخاصة الشباب، بعد أن اطمأنت الأنظمة إلى أنهم باتوا طيّعين ومدجنين في عصر الخنوع والاستسلام.
والذي يقض مضاجع هؤلاء.. أن المقاومة إذا باتت خيارا عند الشباب، فلن تنحصر فقط في مقاومة المحتل والمستعمر.. وإنما قد تتبدى سلوكا ضد جميع أشكال الظلم والاستبداد والفساد..
ثم إن القناعة بإمكان إحداث التغيير صارت حقيقة راسخة، وما أحدثه الشباب العربي من تغيير في وعي العالم، وشعوب الغرب تحديدا، حيال الموقف من الصراع العربي الصهيوني، وتأثير هذا الوعي في الضغط على حكومات الكثير من الدول لصالح الحق العربي الفلسطيني وضد الصهيونية، يمكن له أن يؤسس للكثير من التغيير في مختلف الأصعدة.
ومن أبرز معالم التغيير المرصودة: انصهار جميع الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة وخارجها وتوحدهم خلف خيار المقاومة ما استطاعوا إليها سبيلا.
وكذلك، إحساس المقدسيين، الذين تعرضوا، ويتعرضون، لأقسى وأبشع محاولات التركيع والترويع والطرد والسلخ عن أرضهم ومحيطهم العربي الفلسطيني، ومن هويتهم وكينونتهم، بأنهم ليسوا وحيدين بعد الآن ولن يكونوا كذلك، في النضال والصمود بوجه الاستعمار الاستيطاني الأشد وحشية في العصر الحديث، وضد سياسات التهويد.
كما أجبرت العديد من الأنظمة العربية المهرولة إلى التطبيع المجاني السريع مع الصهاينة، على أن تفرمل، بحدود متباينة، من هرولتها، خشيةٍ من ارتفاع الكُلَف السياسية إلى درجة قد لا تستطيع تحملها.
على صعيد الكيان الصهيوني، بظني أنه خسر الكثير الكثير، ليس ماديا فقط، وإنما معنويا..
فداخليا، اهتزت إلى درجة كبيرة ثقة اليهود بدولتهم (التي لا يقهر جيشها) وبقدرتها على حمايتهم وبأن "أرض إسرائيل" هي الجنة الموعودة. وفقد الثقة بقدرة "الكيان" على ضمان الأمن هو أشد ما تخشاه الصهيونية.
كما أن تفجر الكراهية بين اليهود والعرب داخل الكيان، المنبثق عن التمييز ضد العرب، ضاعف من انعدام الشعور بالأمان والاستقرار وولّد المزيد من الشكوك والقلق حيال مستقبل "الكيان".
ولا يخفى حجم الضرر الذي ألمّ بالصورة النمطية التي سعى الكيان الصهيوني إلى ترسيخها في العالم بأنه "واحة الديمقراطية" في المنطقة، وتمثيل دور الضحية.. وذلك بتأثير من تعدد وسائل الإعلام، وكذلك التفاعل الإيجابي مع وسائل التواصل الاجتماعي، رغم أنف مارك زوكربيرج وأمثاله، ورغم أنف الدعاية الصهيونية.
وهو تحول مهم جدا، حريٌّ ألا يتوقف عند ما أنجز، وإنما يجب البناء عليه بصور منظمة وأكثر وعيا وعقلانية وفاعلية لكسب المزيد من التأييد للحقوق العربية الفلسطينية، ولمختلف القضايا العربية، ولفضح الممارسات الصهيونية ومحاولاتها تزييف الحقائق والتلاعب بالعقول.
أميركيا، جددت واشنطن، بما لا يدع للظن سبيلا، تأكيد انحيازها الفاضح للصهيونية وللكيان المسخ الذي ترعاه وتحميه، لتؤكد بذلك أنها هي عدونا الأول.
غير أنه، ثبت للجميع أن الإدارة الأميركية تخشى، في المقام الأول، مواطنيها وتحترم رأي الشارع، خلافا لنا، ولذلك هي تتحسب لتعاظم النقد الرافض لأيٍّ من سياساتها، فما بالك إذا جاء الرفض والإدانة من داخل الحزب الحاكم؟
أتعلمون لماذا؟ لأن الوصول إلى الحكم هناك، والبقاء فيه، يستوجب ممارسة الديمقراطية الحقة واحترام الحريات، ويمر عبر صناديق "الانتخاب"، الحر طبعا.

مدار الساعة ـ نشر في 2021/05/22 الساعة 21:49