الكاتب: د. ذوقان عبيدات
استقالت عقول كثيرة، وتوقفت عن العمل، وفي مقدمتها العقل الأدائي. فمن هم أصحاب هذا العقل؟ هم المختصون في فرع دقيق، كالأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات والعقائديين أو أي عالم في مجال آخر. يقف مقابل هؤلاء أصحاب العقل الثقافي، الذين يعرفون شيئاً ما عن موضوعات عديدة. بينما يعرف العقل اأدائي كثيراً ما عن شيء صغير.
ولذلك يفكر العقل الأدائي بموضوع صغير وبذا يبعد عن الموضوعات الأخرى خارجه. يتحدث دائماً بتخصصه، بل ويطبق تماماً ما تعلمه في هذا التخصص، فينحاز لموضوعه مهملاً كل ما عداه. وبذلك لن يكون سياسياً ولا مصلحاً و لا قائد جماعة ولا مفكراً.
طبعاً ليس كل المختصين كذلك، فمنهم مفكرون وقادة أحزاب وشعراء وفنانون. لكن ما يغلب على معظم المختصين " التمترس" بحدود التخصص! قد يقول أحدهم: وما العيب في ذلك ؟ من وجهة نظري حاولت تفسير أسباب انضمام فئات واسعة من المختصين إلى الفكر الإرهابي المتطرف! إن الاستغراق في التخصص قد يمنع صاحبه من النظر فيما حوله. وبذلك يكون فريسة سهلة للاستهواء، قد يستهويه شعور ديني، أو أخلاقي، أو عقائدي. فيسلم نفسه كلياً لهذا الشعور، فتراه أسيراً لأول من يتحدث معه دون مناقشة.
فففي التخصص معلومات شبه مقدسة وعليه تطبيقها، وفي الانحياز لفكر ما قواعد محددة يجب تنفيذها.
ولذلك، فإن صاحب العقل الأدائي لا يفحص مسلّمة، ولا يناقش فرضية، ولا ينتقد فكرة، أو إشاعة. بخلاف صاحب العقل الثقافي الذي امتلك خبرة حية متراكمة تجعله أكثر حصانة من أصحاب العقل الأ{ائي!
وسؤالي: لماذا لا نجد فناناً إرهابياً أو شاعراً إرهابياً ، أو مطرباً أو حتى رياضياً ؟ ولماذا يكثر أصحاب العقل الأدائي في صفوف الإرهابيين؟
هذا هو الفرق بين العقل الإبداعي والعقل الإتباعي. يسير العقل الإتباعي بيقين مطلق خلف فكرة بيقين مطلق خلف فكرة ما و بخط مستقيم. بينما يتفرع العقل الإبداعي في كل طريق، بل ويصنع طريقه بنفسه!
وبالمناسبة، أصحاب العقل الإتباعي لهم النفوذ والسلطة والمشروعية، ولذلك جمهورهم واسع.
الاتباعيون مسايرون، والإبداعيون مغايرون.