انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة شهادة جاهات واعراس الموقف مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

في حبس المدين والمالكين والمستأجرين

مدار الساعة,مقالات مختارة,الجامعة الأردنية
مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/09 الساعة 00:23
حجم الخط

قرر وزير العدل قبل أيام تشكيل لجنة من الخبراء وأصحاب الاختصاص لمراجعة قانون التنفيذ الحالي، حيث تتعالى المطالبات الشعبية والنيابية بضرورة إعادة النظر في النصوص الخاصة باستيفاء الديون، وبالأخص قاعدة حبس المدين.

إن مراجعة وتقييم التشريعات الوطنية تعد ظاهرة صحية تعكس مفهوم أن القاعدة القانونية هي قاعدة سلوك اجتماعية تحكم العلاقة بين الأفراد. فطالما أن الأسس التي تقوم عليها هذه العلاقات المجتمعية محكومة بالتطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فإن تجويد القاعدة القانونية الناظمة لعلاقات الأفراد يتوافق تماما مع الغاية من وجود القانون، ولضمان تطبيقه العادل على الجميع على أساس المساواة بينهم.

إن ما لا شك فيه أن حبس المدين سيكون المحور الأساسي للمراجعة القادمة لقانون التنفيذ، حيث تعلو الأصوات المطالبة بمراجعة أحكام المادة (22) منه ذات الصلة بحبس المدين غير القادر على سداد الدين، أو العاجز عن دفع النسبة المئوية المحددة في القانون في إطارها الزمني. فهذه المطالبات مشروعة، طالما أنها تستند على قاعدة التوفيق بين قواعد تحصيل الديون والأحوال الاقتصادية والاجتماعية السائدة.

أما القول بأن تعديل حبس المدين هو واجب على الدولة الأردنية لما يتمسك به البعض من مخالفة هذا الحكم لقواعد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فهو قول في غير محله. فهذا العهد شأنه شأن باقي الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان قد وقعت عليها الحكومات الأردنية المتعاقبة، إلا أنه لم تستكمل الإجراءات الدستورية الخاصة بالتصديق عليها وإنفاذها في المنظومة القانونية الوطنية، حيث يتعين الموافقة على هذه الاتفاقيات الدولية التي تمس حقوق الأردنيين العامة والخاصة بموجب قانون خاص، وذلك استنادا لأحكام المادة (33/2) من?الدستور. وهذا الحكم قد أكدته المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري الأخير رقم (1) لسنة 2020 والذي قضت به بالقول أنه لا يجوز إصدار قانون يتضمن تعديلا أو الغاء لأحكام معاهدة دولية تم إبرامها والتصديق عليها، واستوفت كافة الإجراءات الدستورية المقررة لنفاذها.

ويبقى التحدي الأبرز في مراجعة نصوص قانون التنفيذ في كيفية الموازنة بين المراكز القانونية ذات الصلة والتي تتمثل بالدائن والمدين، بحيث يتعين على المشرع الأردني أن يراعي التوازن في حفظ المصالح المالية لكلا الفئتين، بحيث لا يحابي فئة على الأخرى. فالقاعدة القانونية الناجحة هي تلك التي تراعي حقوق والتزامات المخاطبين بها بطريقة لا تخل بالعدالة الاجتماعية بينهما.

وفي هذا الإطار يجب التذكير بالتجربة التشريعية السابقة المتعلقة بقانون المالكين والمستأجرين. فهذا القانون عند صدوره قد وفر حماية قانونية أكبر للمستأجر على حساب المؤجر وذلك بإقراره قاعدة الامتداد القانوني لعقد الإيجار، قبل أن يتم تعديله في عام 2000 بحيث أصبح يكرس حماية مطلقة للمؤجر على حساب المستأجر عندما أخذ بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين. فهذه التعديلات التي جرى إدخالها على هذا القانون قد عجزت عن توفير التناسبية في الحماية الاجتماعية لطرفي عقد الإيجار، وهو الأمر الذي ألقى بظلاله بشكل سلبي على شريحة واسعة من?أفراد المجتمع.

إن لجنة تعديل قانون التنفيذ مدعوة إلى أن تستحضر تجربة قانون المالكين والمستأجرين للاستفادة منها، والحؤول دون الوقوع في الخطأ ذاته مرة أخرى.

laith@lawyer.com

أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/الجامعة الأردنية

الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/09 الساعة 00:23