مدار الساعة - كتب: د. ذوقان عبيدات
من يتابع ما يجري في وزارة الثقافة منذ بدء أزمة كورونا، يلاحظ كيف حولت تحديات الأزمة إلى فرص، لعّل في مقدمتها فرصة التفاعل مع الشباب والأطفال في مشروع حفزهم على انتاج أفكار إبداعية في مجال الأدب والفن وغيرهما، وتكون بذلك قد حققت هدفين: تنظيم أوقات الشباب وإشغالهم في أعمال إبداعية، أما الفرصة الثانية وهي استثمار مناخ الأزمة في مشروع فكري نهضوي واضح، تمثل في حفز التفكير الناقد والتفكير الإبداعي والتفكير المنطقي تحت مظلة طالما اشتقنا إليها واحتجنا لها، وهي مظلة الفلسفة.
والفلسفة في تراثنا العربي محرك أساس لنهضتنا ونهضة أوروبا، فقدمنا مجموعة من الفلاسفة أمثال الكندي والفارابي وابن سينا، والغزالي وابن رشد، كما قدمنا مفكرين أمثال ابن عربي وأبو العلاء المعرّي، وشعراء فلاسفة أمثال أبو تمام شاعر الديلكتيك والمتنبي شاعر الحكمة والتفلسف. ولعّل في مقدمة تراثنا الإيجابي ما قدمه الفكر المعتزلي في إعلاء قيمة العقل والتفكير.
وفي تجربتنا الأردنية مع الفلسفة، أقرت وزارة التربية في نهاية ستينات القرن الماضي مادة دراسية في الفلسفة انتهت هذه التجربة مع منتصف السبعينات، ثم عاودت الوزارة تجربة ثانية 1992، وكلفت أكاديمياً فلسفياً من الجامعة بوضع كتاب، فكان اجتهاده مغرقاً في فلسفة لم تجد من يفهمها أو يدرسها، حيث استبدلت مادة معادية للفلسفة بمادة الفلسفة وهكذا تم وأد التجربة الفلسفية في وزارة التربية، وتبخّر كل من نادى بها، حتى معلمو الفلسفة لم يعد لهم أثر!!
- فريق مستنير يقود العمل بعيداً عن الإغراق في القضايا الفلسفية بعيدة الصلة عن الحياة، ولذلك أرجو أن لا يقود هذا الفريق أكاديميون وفلاسفة يتحيزون لتاريخ الفلسفة. المطلوب إنتاج معرفة فلسفية حياتية ترتبط بأبرز مشكلات الإنسان مقترحاً موضوعات مثل:
الإنسان، الفن، الجمال، فلسفة الحب، الفلسفة والعلم، الفلسفة والحياة، التفكير العلمي، التفكير الديني، التفكير الأسطوري، التفكير الإحيائي، ماهي الفلسفة، الشك واليقين، إثارة الأسئلة الكبرى، الفلسفة والأدب، الفلسفة والحرب، المرأة والفلسفة، فلسفة الأطفال، عالم المثل الإفلاطوني، المدينة الفاضلة، منطق أرسطو، المعتزلة، الإنسان والعقل، مصادر المعرفة وغيرها من الموضوعات النباتية.
أحيي جهود وزارة الثقافة وأحيي من وضع الثقافة على سكة الثقافة الحقيقية، وفي ذهني أن وزارة الشباب تقود مشروعاً قريباً جداً من هذا مع الأمل أن يتحرك التربويون ومؤسساتهم المتعددة إلى المشاركة في هذا البناء الفلسفي العظيم.