مدار الساعة - إنّ بناء المفاهيم والقضايا في الجملة القرآنية يخضع لنَسَقٍ صارمٍ من التوجيه العقدي والتصويري والكوني العام، بحيث إنّ متابعةَ هذا النسقِ تُفضي- حتمًا- إلى استنباط القوانين العامة، التي تأسس عليها هذا الخطاب المُعجِز، وهو أمرٌ لا ينتهي ما دامت السماوات والأرض. هناك- دائمًا- منطقية يتخذها القرآن فيما يخص بناءَه المفاهيمي؛ حيث يحتفظ- بصورة مستمرة- بأسرار لا تنكشف إلا من خلال مسار الزمن، يفتح الله بها على عُلماءِ كُلِّ عصر وعُدُولِ كُلِّ زمن. وتتميز الجملةُ القرآنيةُ بفرائدَ منوّعةٍ اُختُصّ بها الذِّكرُ الحكيمُ، مُغايرًا كلامَ الإنسان الطبيعي، على الرغم من استخدام الوحدات اللسانية ذاتِها، وطرق التعبير عينِها، ليكون الإعجاز قائمًا إلى يوم الدين؛ إعجازٌ من حيث اللغةُ، وإعجازٌ بالبيان، وإعجازٌ بالأحكام … إلخ. وفي هذه المقالة أُقدّم بعض أمثلة من هذه المختارات القرآنية، لنرى من خلالها بعضَ صُورِ إعجازِ الدلالة في التعبير القرآني.
1- الفاصلة القرآنية والبُعد الدلالي:
الفاصلة من حيث كونُها مصطلحًا مختصًّا بعلوم القرآن هي الكلمة الأخيرة في الآية الكريمة، وهي ليست سَجعًا ولا قافية، بإجماع العلماء([1])، فالفاصلة صفةٌ تختص بالذكر الحكيم من دون سائر فنون القول المعروفة عند العرب. وقد يُطلق مصطلح (رءوس الآيات) على مثل هذه الفواصل، وهو ما اختاره “الفرّاء” لكي يتجنب معنى السجع في الفواصل([2])؛ حيث إنّ السجع يُقصَدُ لذاته، ثم يُحمل المعنى عليه، وهو ما لا نجده في فواصل القرآن.
وللفاصلة عَلَاقةٌ وثيقةٌ بما قبلها من وحدات النص الحكيم؛ حيث حصر البلاغيون هذه العلاقة في: التمكين، والتوشيح، والإيغال، والتصدير([3]). فمن التمكين قوله تعالى: “أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ. أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ.” (السجدة 26-27). في صدر الآية كانت الموعظة (سمعية) فاختار (أوَلَم يَهْدِ لهم)، وبعد ذكر الموعظة قال سبحانه (أفلا يسمعون)، حيث تقدم ذكرُ الكتاب، وهو مسموع. فإذا ما أتت الآية التالية، حيث الموعظة (مرئية) اختار (أوَلَم يَرَوْا)، ثم ختم الآية بقوله عزّ وجلّ (أفلا تُبصرون)، لأنّ سَوْقَ الماء إلى الأرض الجُرُزِ مَرئيٌّ([4]). إنّ هذه الملاحظات غاية في الدقة والبراعة، والمحمول الدلالي
في القرآن العظيم يقع كثيرٌ منه في مثل هذه اللفتات الخالدة. وأما التوشيح فهو من أعمق مباحث
علم البديع، ولسنا هنا بصدد الحديث عنه تفصيلًا، لكنه فنٌّ معروفٌ من كلام العرب، خصوصًا في الشعر، وتتمثل إنتاجيّتُه في تلاحم الكلام، حتى يكون مبتدؤه دالًّا على مُنتهاه وآخرِه([5]). ومن ذلك في القرآن الكريم: “وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ.” (يس 37)، فإنّ الحافظ لهذه السورة ينتبه إلى أنّ مقاطع فواصلها النون المردفة، فعندما يسمع مفتتح الآية (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار)، سيعلم أنّ الفاصلة حتمًا هي (مظلمون). ورأيي- بهذا الخصوص- أنّ تلك آلية معجزة من آليات حفظ الذكر الحكيم؛ فالفاصلة خصيصة قرآنية، جعلها الله من قوانين الحفظ الذاتي لهذا الكلام المقدس في صدور الذين أوتوا العلم، والذين اصطفاهم الحق سبحانه.
أما التصدير فهو أنْ تتقدّم لفظة الفاصلة بمادتها في أول صدر الآية، أو في أثنائها، أو في آخرها([6])؛ أي يصبح صدرُ الآية دالًّا على آخرِها، من مثل قوله تبارك وتعالى: “انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا.” (الإسراء 21)، وهو ما سمّاه البلاغيون المتقدمون بــــ (ردّ الأعجاز على الصدور). ومن ذلك نفهمُ أنّه في حال (التصدير) تكون الفاصلة مأخوذةً لفظًا من صدر الآية، أما (التوشيح) فهو نظير التصدير؛ حيث تكون الفاصلة مأخوذةً معنًى من صدر الآية. هذا بإيجاز شديد.
أما الإيغال فيما يخص الفاصلة القرآنية، فهو أنْ تتضمّن الفاصلة معنًى زائدًا على صدر الآية؛ حيث يتجاوز المتكلم المعنى الذي هو آخِذٌ فيه، بالغًا الزيادةَ على الحد الذي يصل به الفهم إلى إدراك المُراد، من مثل قوله سبحانه: “قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا.” (الإسراء 88)؛ فالمعنى قد تمّ عند قوله سبحانه (لا يأتون بمثله)، ثم جاء ختام الآية بمعنى زائدٍ مهم، يزداد به شرحُ الكلام ووضوحُه وحُسنُه وتوكيدُه، هو أنهم لا يستطيعون الإتيان بمثل القرآن، حتى لو اجتمعوا على ذلك وجنّدوا أنفسهم، على تباين جنسهم وألوانهم … إلخ.
ولإتمام الفائدة أختم هذه المسألة بتحليل ماتع لمصطفى صادق الرافعي- رحمه الله- من قوله تعالى: “تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيْزَى.” (النجم 22)؛ قال: “وفي القرآن لفظةٌ غريبةٌ، هي من أغرب ما فيه، وما حَسُنَت في كلام قط إلا في موقعها منه، وهي كلمة (ضِيزَى)،…، ومع ذلك فإنّ حُسنَها في نَظم الكلام من أغرب الحُسن وأعجبه، ولو أدرت اللغة عليها ما صلُح لهذا الموضع غيرها، فإنّ السورة التي فيها وهي سورة النجم مفصلة كلها على الياء، فجاءت الكلمة فاصلة من الفواصل،
ثم هي في معرض الإنكار على العرب؛ إذ وردت في ذكر الأصنام وزعمهم في قسمة الأولاد، فإنهم جعلوا الملائكة والأصنام بناتٍ لله مع وَأْدِهنّ؛ أي دفنهم على الحياة، فقال تعالى: (ألَكُمُ الذَّكَرُ وله الأنثى*تلك إذًا قِسمة ضِيزَى)، فكانت غرابة اللفظ أشد الأشياء ملاءمة لغرابة هذه القسمة التي أنكرها، وكانت الجملة كلها كأنها تصوِّر في هيئة النطق بها الإنكار في الأولى والتهكم
في الأخرى، وكان هذا التصوير أبلغ ما في البلاغة، وخاصة في اللفظة الغريبة التي تمكنت
في موضعها من الفصل، ووصفت حالة المتهكم في إنكاره من إمالة اليد والرأس بهذين المَدّين فيها إلى الأسفل والأعلى، …، فكان في تأليف حروفها معنًى حِسّيًّا، وفي تآلف أصواتها معنًى مثله
في النفس. وإنْ تعجب فاعْجَبْ لنَظمِ الكلمة الغريبة وائتلافه على ما قبلها؛ إذ هي مقطعان: أحدهما مَدٌّ ثقيل، والآخر مَدٌّ خفيف، وقد جاءت عقب غُنّتين في (إذًا) و(قسمةٌ)، وإحداهما خفيفة حادة، والأخرى ثقيلة متفشية، فكأنها بذلك ليست إلا مجاورة صوتية لتقطيعٍ موسيقيٍّ. وهذا معنى رابع للثلاثة التي عددناها آنفًا. أما المعنى الخامس، فهو أنّ الكلمة التي جمعت المعاني الأربعة
على غرابتها، إنما هي أربعة أحرف أيضًا”([7]). لقد أفاض “الرافعي” وجَال في تحليل هذه الفاصلة من كل الزوايا الممكنة، وقد وضعت كلامه- بتصرف- إتمامًا لحديثنا عن الفاصلة. ومسائل تلك القضية طويلة ومتشعبة، أفاض فيها العلماء والباحثون قديمًا وحديثًا([8]).
2- خصوصية جملة الصلة في التعبير القرآني:
يُقرر النُّحاةُ أنّ الصلة يجبُ أنْ تكون معلومةً للمُخاطَب، لأنها تمثل وسيلة تعريف، فيلزم من ذلك أن تكون معروفة([9])؛ من مثل قولك: الذي كان عندنا أمس رجل عالم، فيلزم عن ذلك أن يكون المخاطَب عالمًا بهذه الصلة، أو بقصتها، على حدّ قول النحويين. ومن المعاني القرآنية للصلة الإشارة إلى زيادة تقرير الغرض المسوق له الكلام، كما في قوله تعالى: “وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ …” (يوسف 23)، فالغرض المسوق له الكلام هو تقرير نزاهة سيدنا يوسف عليه السلام، وذِكْر امرأة العزيز بهذه الصلة المشيرة إلى كونه ببيتها مما يُقرر هذا الغرض؛ فقد راودته هذه المرأة وهو في بيتها، وهي متمكّنة منه في كل أوقاته من ليلٍ أو نهارٍ، تُلحُّ عليه وتُراوده، لكنه استعصم، عليه السلام، وتلك غاية النزاهة عن الفحشاء. ولو قال وراودته “زليخا” أو امرأة العزيز فقط لم نجد مما سبق شيئًا. كما أنّ ذكر الصلة هنا- كذلك- به استهجانٌ للتصريح بالاسم المنسوب إليه هذا الفعل.
أما قوله تعالى “عن نفسه”، فلم يسبق للعرب استعمالُ هذه الكناية الرائعة عن طلب المواقعة والجِماع، كما يقول “ابن عاشور”، فهو من أساليب التعبير الجديدة في القرآن الكريم، وتعدية الفعل بــ (عن) للدلالة على أنّ معنى المراودة هنا هو محاولة أن يُجاوز الفتى عفافه، وتمكينه إياها من نفسه؛ فكأنّها تراوده عن أنْ يُسْلِمَ إليها إرادَتَه وحُكْمَه في نفسه([10]).
ومما يكون التعريف فيه بالصلة قَصدًا إلى معاني مهمة في سياق الكلام([11]) قوله تعالى: “…وَلَٰكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ…” (يونس 104)؛ فالقادر سبحانه على أنْ يتوفّى الأنفس هو الجدير بالعبادة تبارك وتعالى. وقد يكون التعريف بالصلة مُشيرًا إلى وجه بناء الخبر([12])، من مثل قوله تعالى: “…إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ.” (غافر 60)، فقوله (الذين يستكبرون عن عبادتي) يشير إلى أنّ الخبر من جنس النَّكال والعذاب، ومثله قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ.” (الأنبياء 101)، وكذلك قوله عزّ وجلّ: “…وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ.” (النور 11)، في إشارة إلى “عبد الله بن أُبيّ بن سلول”، ومثل هذا كثير جدًّا في القرآن الكريم؛ حيث يكون المبتدأ حاملا للمعاني المُهَيّئة للنفس لتلقِّي الخبر، حتى تكاد تعرف الخبر قبل
النطق به.
وشبيه باستعمال الصلة على هذا المنوال استخدام ضمير الفصل، وهو كثير، ونكتفي بمثال واحد؛ قال تعالى: “قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ.” (الأعراف 115). فقد أكّد السّحَرةُ جملة الكلام المُعبّرَة عنهم بقولهم: (نكون نحن الملقين)؛ فأتَوا بضمير الفصل (نحن)، وجعلوا خبر (نكون) مُعرّفًا بــــ (أل): (الملقين)، ولم يؤكّدوا الضمير الراجع إلى موسى عليه السلام؛ فلم يقولوا: إما أنْ تلقي أنت، ومرَدُّ ذلك أنّ السّحَرة أحبّوا التقدم عليه بإلقاء سحرهم، ظَنًّا منهم أنهم سيأتون بشيء عظيم يسيطرون من خلاله على أذهان الحاضرين، من ثَم يملكون عقولهم، مما يتعذّر معه على موسى عليه السلام أنْ يرفعَ أثرَه عنهم([13]). وهنا يرى “الزمخشري” أنّه “قد سوّغ لهم موسى عليه السلام ما تراغبوا فيه ازدراءً لشأنهم وقلةَ مبالاةٍ بهم، وثقةً بما كانوا بصدده من التأييد السماوي، وأنّ المعجزة لن يغلبَها سحرٌ أبدًا “سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ” (الأعراف 116)، أروها بالحيل والشعوذة، وخيّلوا إليها ما الحقيقة بخلافه، كقوله تعالى: “… يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ” (طه 66).”([14])
3- بين لفظي (النُّكْر) و(المُنْكَر) في الذكر الحكيم:
اللفظان مشتقان من الجذر الثلاثي (نكر)، والإنكار ضد المعرفة؛ يُقالُ أنكرتُ ونَكِرْتُ، وأصل معناه أن يردَ على القلب ما لا يتصوَّرُه، وقد يُستعمل هذا فيما يُنكَرُ باللسان أيضًا([15]). وقد وردت كلمة “نُكْرًا” ثلاث مرات، وكلمة “نُكُر” مرة واحدة، وهذا بيانها: “فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا.” (الكهف 74). “قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا.” (الكهف 87). “وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا .” (الطلاق 8). أما كلمة “نُكُر” فجاءت في قوله سبحانه: “فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ.” (القمر 6)([16]). والنُّكْرُ- عمومًا- هو ما يجهله الإنسان فيستغربه وينكره، بسبب من جهله ليكون على خطأ في تصوّره هذا، ويكون الشيء في حقيقته صحيحًا سَويًّا([17]). ونلاحظ في آية موسى والخضر أنّ موسى أنكر على الخضر قتلَه للغلام، لكنّ قتل الغلام في الحقيقة هو فِعلٌ صالحٌ، كما أعلم الله تعالى الخضر بذلك، ولهذا وصفه بالنُّكر وليس بالمنكر. وفي آية ذي القرنين يكونُ الكافرُ مُسْتَحِقًّا للعذاب، فكيف وُصف العذابُ بالنُّكر؟ والجواب أنّ الكافر قد يُنكِر هذا التعذيبَ عندما يسمعُ به في الدنيا، ويُدخله في باب القسوة والجبروت، لكنّ موقفه هذا باطلٌ، لاستحقاق عدلِ الله تعالى في تعذيب هذا الكافر؛ فتعذيب الكافر من وجهة نظر الكافر مسألةٌ مُنْكَرَةٌ، لكنّ جوهر الأمر وحقيقته هو الصواب والاستحقاق.
والأمر نفسه مع آية سورة الطلاق؛ فقد وُصف تعذيب الله للقرية الكافرة بالنُّكْر، لأنّ بعضهم
قد يستنكره ويستهجنه، من هوله وشدته، وربما قالوا إنه انتقامٌ وظلمٌ، والحقيقة أنّ الله تعالى عادلٌ
في تعذيبه لهؤلاء، وفِعْلُه تبارك وتعالى هو الصواب([18]). ونفهم ذلك- أيضًا- من قوله تعالى: “مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ.” (ق 29)، وقوله سبحانه: “مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ.” (فصلت 46)، فاستخدام صيغة المبالغة هنا (ظلّام)، من الناحية التصويرية المفاهيمية، يُبيّن لنا أنّ شدة العذاب وهوله وكثرة بعث النار من الخلق والأمم قد تجعلنا نظنُّ أنّ غضب الله قد غلب رحمتَه وعفوَه، ولكنّ الحقيقة خلاف ذلك، فالله تعالى رحيمٌ بنا، لكنّ ذنوب العُتاة والمجرمين
لا بد من عرضها للحساب والعقاب.
أما كلمة (مُنْكَر) فقد وردت ستَّ عشرة مرة في الذكر الحكيم، ومعناها الأمر الشائن والتصرف القبيح والفعل المحرم والشيء الباطل … إلخ([19]). من ذلك قوله سبحانه: “وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.” (آل عمران 104). ونستطيع بذلك أنْ نقرر أنّ كُلّ (نُكْر) صواب في ميزان الله، وإن أنكره بعض الغافلين من البشر، وكل (مُنْكَر) خطأ في ميزان الله، وإن استحسنه وقَبِله بعض الناس، والعبرة في القبول والرفض تكون بشريعة المولى تعالى وعلمه وتوجيهه ومنهجه القويم، وليس بأعرافنا وأذواقنا وأمزجتنا!
4- الاستدلال العكسي في قضايا حِجاج الغيب:
وتلك قضية قرآنية كبرى، أكتفي في هذه المختارات بالإشارة إلى مثال واحد فقط حولها؛ قال تعالى: “كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.” (البقرة 28). هذه الآية تمثل الاستهلال العاصف لقضية البعث الجدلية، وهذا العصف قد تجلى في مَظهرين([20]):
أ- العصف الذهني: وينتج عن إيثار إيراد الآية الكريمة في أسلوب الاستفهام، بما يشتمل عليه من إثارةٍ لِذِهْنِ المُخَاطَب ووضعه مَوْضِعَ المُسَاءَلة، التي توجب عليه أن يُقدّم عليه حججًا قوية مُقنِعة للفعل أو المعتقد المسئول عنه؛ فالاستفهام من أنجع أنواع الأفعال اللسانية حِجَاجًا.
ب- العصف النفسي: وينتج عن التحول الأسلوبي بالالتفات من (الغيبة) إلى (الخطاب) المباشر المجابِه لهؤلاء الكافرين بالله تعالى. “وفائدة هذا الالتفات أنّ الإنكار إذا توجّه إلى المخاطَب كان أبْلَغَ
من توجّهه إلى الغائب، لجواز ألا يصله الإنكار، بخلاف من كان مخاطبًا، فإنّ الإنكار عليه أردع له
عن أنْ يقع فيما أُنكِر عليه.”([21]) ومن خلال هذا الاستهلال العاصف، ذِهنيًّا ونَفسيًّا، يبدأ النصّ الحكيمُ في معالجة قضية الكفر بالله تعالى، من خلال حشد الأدلة التي يستحيل معها تصوّر وقوع الكفر بالله.
وقد أهملت الآية الكريمة مُنكِري البعث، ولم تلتفت إلى إنكارهم لقضية البعث، بل إنّ القضية التي يُنكِرُونها قد حوّلها القرآن الكريم بالحجاج إلى دليل يقينيٍّ يصرف عن الكفر لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد، فقد دعت الآية إلى استحالة تصوّر عدم وجود البعث، وكل ذلك يمكن الاصطلاح عليه بــ (الاستدلال الحجاجي العكسي)، ومثاله هنا: جَعْلُ ظاهرة البعث- التي هي محل إنكار واستبعاد وغرابة- دليلا- بذاتها- على قضية أخرى وسبيلا للبرهنة عليها؛ فقد تحوّلت قضية تشكك الخصم
إلى دليل برهانيٍّ على إثبات مسألة البعث. ويدخل ذلك في تقنية الحجاج المعروفة بــــ (السلم الحجاجي) من النمط الأعلى لأسلوب الإقناع في القرآن الكريم.
5- بعض الفروق الدلالية المُهمة وسياقاتها القرآنية:
أ- التمييز والتزييل في الذكر الحكيم:
معنى التمييز في الشرع لا يبعد كثيرًا عن اللغة؛ إذ ورد بمعنى الفرز والعزل والتقطيع، ففي قوله تعالى: “مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ.” (آل عمران ١٧٩)، التمييز هنا بمعنى الفرز، قال “ابن كثير” في تفسير الآية من تفسيره للقرآن العظيم: “أي لا بد أن يُعقد شيءٌ من المِحنة، يُظهِر فيه وليَّه، ويَفضَح به عدوَّه؛ يُعرف به المؤمن الصابر، والمنافق الفاجر. قال مجاهد: ميّز بينهم يوم (أُحد). وقال قتادة: ميّز بينهم بالجهاد والهجرة. وقال السُّدّي: قالوا: إن كان محمدٌ صادقًا فليُخبرْنا عمّن يؤمن به مِنّا ومن يَكفر به، فأنزل الله تعالى: (ما كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)؛ أي حتى يُخرج المؤمنَ من الكافرِ.”([22])
وقال “أبو السعود” في تفسيره (إرشاد العقل السليم): “كأنه قيل: ما يتركهم الله تعالى على ذلك الاختلاط، بل يُقدّر الأمور، ويُرتب الأسباب حتى يعزل المنافق من المؤمن.”([23]) وكذلك ورد أنّ الله سبحانه يخاطب المجرمين يوم القيامة طالبًا منهم أنْ ينفصلوا عن المؤمنين الصادقين؛ “وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ.” (يس: ٥٩)؛ قال الرازي في تفسير الآية: “امتازوا عن المؤمنين؛ وذلك لأنهم يكونون مشاهدِين لما يصل إلى المؤمن من الثواب والإكرام، ثم يُقال لهم: تفرّقوا وادخلوا مساكنكم من النار، فلم يبقَ لكم اجتماعٌ بهم أبدًا، امتازوا بعضُكم عن بعضٍ؛ على خلاف ما للمؤمن من الاجتماع بإخوانه.”([24]) وورد في (التبيان في تفسير غريب القرآن)([25]): “أي اعتَزِلوا عن أهل الجنة، وكُونوا فرقة على حدة. ومنه الحديث: “من ماز أذًى فالحسنة بعشر أمثالها“([26])؛ أي: نحاه وأزاله. ومثل هذا الخطاب جاء في الدنيا بلفظ التزيُّل؛ حيث قال تعالى: “هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا.” (الفتح: ٢٥). ورد في (تذكرة الأريب في تفسير الغريب): أي لو امتاز المؤمنون من المشركين؛ بمعنى: انفصل المؤمنون عن المشركين. قال الضحاك: يمتاز المجرمون بعضُهم من بعضٍ، فيمتاز اليهود فِرقًا، والنصارى فرقة، والمجوس فرقة، والصابئون فرقة، وعبدة الأوثان فرقة. والتميز بهذا المعنى يقترب من معنى تقطيع المُجتَمِعِ ليتفرَّقَ، وهو واضحٌ
في قوله تعالى: “تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ.” (الملك: ٨)؛ فــ تكاد (تَمَيّزُ)؛ أي تكاد تتقطع. والتمييز: يُقال تارة للفَصل، وتارة للقوة التي في الدماغ، وبها تُستنبط المعاني، ومنه يُقال: فلان لا تمييز له، ويقال: انماز وامتاز: أي انفصل وانقطع([27]). ونجد- كذلك- معنًى سلبيًّا للتمييز في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: “لن تفتن أمتي حتى يظهر فيهم التمايز والتمايل والمقامع، قلت يا رسول الله! ما التمايز؟ قال: التمايز عصبية يُحدثها الناس بعدي في الإسلام. قلت: فما التمايل؟ قال: تميل القبيلة على القبيلة فتستحل حرمتها. قلت: فما المقامع؟ قال: سَير الأمصار بعضها إلى بعض؛ تختلف أعناقهم في الحرب.”([28]) فمعنى التمايز في الحديث الشريف أقرب ما يكون من معنى العنصرية في أيامنا، ولذلك ذمه الرسول الكريم وعدَّه عصبية، والتميز هنا فرز للناس بشكل سلبي. فيكون- والله أعلم- التميز في الآخرة، والتزيل في الدنيا، كما ورد في الكتاب العزيز.
ب- “… على آثارهم مهتدون” / “… على آثارهم مقتدون”:
الآيتان متتاليتان من سورة (الزخرف)، وربما يعود بنا هذا إلى أول ما بدأنا به كلامنا
عن الفواصل القرآنية والتناسب الدلالي بين مفتتح الآيات واختتامها؛ قال تعالى: “بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ*وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ.” (الزخرف 22-23). الآية الأولى حكاية قول كُفار العرب المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم والسامعين منه القرآن، المُسمّى (هُدى) في غير موضع، مثل قوله سبحانه: “هُدًى لِلْمُتَّقِينَ” (البقرة 2)، وقوله عزّ وجلّ: “هَذَا هُدًى” (الجاثية 11)، وقوله تبارك وتعالى: “هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ” (لقمان 3)، فلما دعاهم صلى الله عليه وسلم ليهتدوا بهديه قابلوا دعاءه بقولهم: (إنهم مهتدون)، وإنهم وجدوا آباءهم على أمة، وإنّ ما وجدوهم عليه هُدى؛ فقالوا: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ)، أي على (دين)، وإنا على آثارهم مهتدون كهديهم، فلما دعاهم زعموا أنهم على هُدى، وهذا أبين تناسب. وأما الآية الثانية، فحكاية أقوال قرون مختلفة، وقد ذكر المولى تبارك وتعالى من قول بعضهم: “وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ*إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ*قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ.” (الأنبياء ٥١ – ٥٣). وفي موضع آخر من الذّكر الحكيم:
“قَال هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ*أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ*قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ.” (الشعراء ٧٢ – ٧٤)، فهذا اتباع مجرد عن ادّعاء كونه هُدًى أو غَيْرَ هُدًى، فهو اعتراف بتقليد واتباع، تعظيمًا لفعل آبائهم من غير ادّعاء شُبهة، فلم يكن ليطابق هذا إلا الوارد في قوله تعالى عنهم: (وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ)، فجاء كُلٌّ على ما يناسبه([29]).
خُلاصة عامة:
إنّ ما عرضناه سابقًا هو غيض من فيض الخير الذي تحمله آيات الذكر الحكيم. والإحاطة بكل اللطائف البيانية هو ضربٌ من المُحال، وإنما تتجدد الفتوحات، وتنفتح الأذهان كُلَّ حينٍ استئناسًا بهذا الكلام العطر، وبتلك التوجيهات الراشدة، التي تخاطب عقول الأذكياء والأخيار، وتتحدى التائهين
في أفلاك الوهم أنْ يُثبتوا بلاغة قولٍ من أقوالهم، أو أنْ يأتوا بإعجاز نَظمٍ مما يدّعون به الفصاحة والبيان. فسيبقى هذا الخطابُ الأقدسُ مُشِعًّا على كَوْنٍ مترامي الأبعاد، تسبح فيه الكائنات مما نعرف
وما لا نعرف، يُضيء الطريق للباحثين عن شيء من الحقيقة والهُدى وأمان الانتقال من ضِيق المُلك
إلى رحاب المَلكوت الفسيح في عِلم الجبار جلّ وعلا.
* المراجع:
أحمد عماد الدين، المعروف بـ “ابن الهائم” (توفي 815 هـ): التبيان في تفسير غريب القرآن، تحقيق ضاحي عبد الباقي محمد، طبعة دار الغرب الإسلامي، بيروت، طـ 1، 1423 هـــ ـ.
جمال محمود أبو حسان: الدلالات المعنوية لفواصل الآيات القرآنية، دراسة في بيان القرآن الكريم وإعجازه، جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، وحدة علوم القرآن، طــ 1، 2011.
ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن (توفي 597 هــ): تذكرة الأريب في تفسير الغريب، تحقيق طارق فتحي السيد، دار الكتب العلمية، بيروت، طـ 1، 2004.
أبو حيان الأندلسي (توفي 745 هــ): تفسير البحر المحيط، تحقيق أحمد عبد الموجود، وعلي معوض، وآخرين، دار الكتب العلمية، بيروت، طــ 3، 2010.
الراغب الأصفهاني (توفي 502 هــ): المفردات في غريب القرآن، تحقيق صفوان الداودي، دار القلم، الدار الشامية، دمشق- بيروت، طــ 1، 1412 هـــ .
الزركشي (بدر الدين محمد بن عبد الله، توفي 794 هـــ ـ): البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، طــ 2، د.ت.
الزمخشري (توفي 538 هــ): تفسير الكشاف، تحقيق خليل شيحا، طبعة دار المعرفة، بيروت، طــــ 1، 2004.
أبو السعود، القاضي محمد بن مصطفى العمادي الحنفي (توفي 982 هــ): إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت.
السيوطي، جلال الدين (توفي 911 هـــ ـ): الدر المنثور في التفسير بالمأثور، تحقيق
عبد الله بن عبد المحسن التركي، مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية، القاهرة،
طــــ 1، 2003.
صالح حسين العايد: نظرات لغوية في القرآن الكريم، كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، الرياض، طــ 3، 2004.
صلاح عبادة: جماليات الترتيب في النص القرآني، ترتيب البنية (القصصية – التصويرية – الحجاجية)، مكتبة الآداب، القاهرة، طــ1، 2015.
صلاح عبد الفتاح الخالدي: لطائف قرآنية، دار القلم، دمشق، طــ5، 2013.
عبد الفتاح لاشين: الفاصلة القرآنية، دار المريخ، الرياض، طــــ1، 1402 هـــ .
أبو عبد الله الحاكم النيسابوري (توفي 405 هــ): المستدرك على الصحيحين، طبعة
دار الكتب العلمية، بيروت، طــ 1، 1990.
فخر الدين الرازي (توفي 604 هــ): تفسير الرازي (التفسير الكبير، مفاتيح الغيب)، طبعة دار الفكر، القاهرة، طــ 1، 1981.
الفرّاء (أبو زكريا، يحيى بن زياد، توفي 207 هــ): معاني القرآن، عالم الكتب، بيروت، طــ3، 1983.
القرطبي (شمس الدين، محمد بن أحمد، توفي 671 هــ): الجامع لأحكام القرآن، تحقيق وضبط سالم مصطفى البدري، المجلد (9)، الجزءان (17-18)، دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت.
ابن كثير (أبو الفداء إسماعيل، توفي 774 هــ): تفسير القرآن العظيم، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت.
محمد السر محمد: بنية الزمن في القرآن الكريم، دار النابغة، مصر، طــ 1، 2014.
محمد بن الطاهر بن عاشور (توفي 1393 هــــ): تفسير التحرير والتنوير، الدار التونسية للنشر، تونس، طــ 1، 1984.
محمد عبد المطلب: البلاغة العربية، قراءة أخرى، الشركة المصرية العالمية للنشر (لونجمان)، دار نوبان للطباعة، القاهرة، طــ 1، 1997.
محمد محمد أبو موسى: خصائص التراكيب، دراسة تحليلية لمسائل علم المعاني، مكتبة وهبة، القاهرة، طــ 8، 2009.
مصطفى صادق الرافعي: إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، دار الكتاب العربي، بيروت،
طــ 3، د.ت.
نور الدين الهيثمي (توفي 807 هـ): مجمع الفوائد ومنبع الزوائد، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، طـ 1، 2001.
([1]) الفاصلة القرآنية: عبد الفتاح لاشين، دار المريخ، الرياض، طــــ1، 1402 هـــ ، ص 6.
([2]) ذكر “الفرّاء” في قوله تعالى: “واللّيلِ إذا يَسْرِ” أنّ القُراء قرأوا “يسري” بإثبات الياء، و”يَسْرِ” بحذفِها، وقال إنّ حذفَها أحبُّ إليه، لمُشاكلتها رءوسَ الآيات. معاني القرآن: الفرّاء (أبو زكريا، يحيى بن زياد، توفي 207 هــ)، عالم الكتب، بيروت، طــ3، 1983م، 3/260.
([3]) بنية الزمن في القرآن الكريم: محمد السر محمد، دار النابغة، مصر، طــ 1، 2014، ص 358 وما بعدها.
([4]) للتفاصيل، البرهان في علوم القرآن: الزركشي (بدر الدين محمد بن عبد الله، توفي 794 هـــ ـ) تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، طــ 2، د.ت، 1/80.
([5]) البلاغة العربية، قراءة أخرى: محمد عبد المطلب، الشركة المصرية العالمية للنشر (لونجمان)، دار نوبان للطباعة، القاهرة، طــ 1، 1997، ص 385.
([6]) بنية الزمن في القرآن الكريم، ص 359.
([7]) إعجاز القرآن والبلاغة النبوية: مصطفى صادق الرافعي، دار الكتاب العربي، بيروت، طــ 3، د.ت، ص ص 230-231.
([8]) راجع على سبيل المثال، الدلالات المعنوية لفواصل الآيات القرآنية، دراسة في بيان القرآن الكريم وإعجازه: جمال محمود أبو حسان، جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، وحدة علوم القرآن، طــ 1، 2011. وهو مصنف جامع مهم،
يقع في 670 صفحة.
([9]) للتفاصيل، خصائص التراكيب، دراسة تحليلية لمسائل علم المعاني: محمد محمد أبو موسى، مكتبة وهبة، القاهرة،
طــ 8، 2009، ص 230 وما بعدها.
([10]) تفسير التحرير والتنوير: محمد بن الطاهر بن عاشور (توفي 1393 هــــ)، الدار التونسية للنشر، تونس، طــ 1، 1984، 12/250.
([11]) خصائص التراكيب، ص 231.
([12]) خصائص التراكيب، ص ص 232-233، بتصرف.
([13]) نظرات لغوية في القرآن الكريم: صالح حسين العايد، كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، الرياض، طــ 3، 2004،
ص 179.
([14]) تفسير الكشاف: الزمخشري (توفي 538 هــ)، تحقيق خليل شيحا، طبعة دار المعرفة، بيروت، طــــ 1، 2004، 2/103.
([15]) المفردات في غريب القرآن: الراغب الأصفهاني (توفي 502 هــ)، تحقيق صفوان الداودي، دار القلم، الدار الشامية، دمشق- بيروت، طــ 1، 1412 هـــ ـ، ص 823، ولفظه (الإنكار ضد العرفان).
([16]) الداعي هو “إسرافيل”. قرأ “ابن كثير” (نُكْر) بإسكان الكاف، وضمها الباقون، وهما لغتان، مثل عسر وعسر، وشغل وشغل، ومعناه الأمر الفظيع العظيم، ويُقصد به يوم القيامة. الجامع لأحكام القرآن: القرطبي، تحقيق وضبط سالم مصطفى البدري، المجلد (9)، الجزءان (17-18)، دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت، ص 85.
([17]) لطائف قرآنية: صلاح عبد الفتاح الخالدي، دار القلم، دمشق، طــ5، 2013، ص 70.
([18]) لطائف قرآنية، ص 72.
([19]) لطائف قرآنية، ص 73.
([20]) جماليات الترتيب في النص القرآني، ترتيب البنية (القصصية – التصويرية – الحجاجية): صلاح عبادة، مكتبة الآداب، القاهرة، طــ1، 2015، ص 237.
([21]) تفسير البحر المحيط: أبو حيان الأندلسي (توفي 745 هــ)، تحقيق أحمد عبد الموجود، وعلي معوض، وآخرين، دار الكتب العلمية، بيروت، طــ 3، 2010، 1/275.
([22]) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل (توفي 774 هــ)، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت، 1/408.
([23]) إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم: أبو السعود، القاضي محمد بن مصطفى العمادي الحنفي (توفي 982 هــ)، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت، 2/203.
([24]) تفسير الرازي (التفسير الكبير، مفاتيح الغيب): فخر الدين الرازي (توفي 604 هــ)، طبعة دار الفكر، القاهرة، طــ 1، 1981، 26/95.
([25]) التبيان في تفسير غريب القرآن: أحمد عماد الدين، المعروف بـ “ابن الهائم” (توفي 815 هـ)، تحقيق ضاحي عبد الباقي محمد، طبعة دار الغرب الإسلامي، بيروت، طـ 1، 1423 هـــ ـ. تفسير سورة يس.
([26]) أخرجه أحمد في مسنده، 1/195 – 196. وذكره نور الدين الهيثمي (توفي 807 هـ) في مَجمعه: مجمع الفوائد ومنبع الزوائد، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، طـ 1، 2001، 2/30. وهذا المَجمع معروف أنّ مُصَنِّفَه “نور الدين الهيثمي” قد جمع فيه زوائد الإمام أحمد وأبي يعلى الموصلي وأبي بكر البزار ومعاجم الطبراني الثلاثة على الكتب الستة (البخاري ومسلم وابن ماجة وأبي داوود والنسائي والترمذي)، وحذف أسانيدها وجمع الأحاديث كلها على حسب الأبواب.
([27]) للمزيد من التفاصيل، تذكرة الأريب في تفسير الغريب: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن (توفي 597 هــ)، تحقيق طارق فتحي السيد، دار الكتب العلمية، بيروت، طـ 1، 2004، تفسير سورة الفتح.
([28]) الحديث في المستدرك على الصحيحين: أبو عبد الله الحاكم النيسابوري (توفي 405 هــ)، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، طــ 1، 1990، من كتاب الفتن والملاحم، برقم 8643، عن سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن أبي شجرة كثير بن مرة، عن حذيفة بن اليمان، رضي الله عنهم أجمعين.
([29]) الدر المنثور في التفسير بالمأثور: السيوطي، جلال الدين (توفي 911 هـــ ـ)، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية، القاهرة، طـ 1، 2003، الجزء 15، تفسير سورة المدثر.