أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

محمد القرعان يكتب: الحضور العشائري في الانتخابات

مدار الساعة,مقالات,كورونا,الملك عبد الله الثاني,مجلس النواب,الهيئة المستقلة للانتخاب
مدار الساعة ـ
حجم الخط

كتب: د محمد كامل القرعان

مازالت المؤسسة العشائرية الاردنية الممتدة عبر تاريخ المملكة الاردنية الهاشمية تتصدر المشهد الوطني بكل الاتجاهات والمواجهات والفزعات الوطنية ، حتى انها طورت من نفسها وادواتها لتصبح الوحيد على الساحة في الاختبارات والمواقف بما فيها تنمية الحياة السياسية والتنموية بكل ابعادها وادواتها، وبصورة تتكيف مع تغيرات الحياة ومنذ عهد تاسيس الامارة وتؤثر وتتاثر بالمشهد السياسي الداخلي والخارجي.

واليوم جاءت العشائرية بصورة اكثر اشراقا ووضوحا وقوة بعدما دفعت في تقديم نفسها عبر ابنائها لتحقق بذلك سبق سياسي منظم تفوقت به على الاحزاب السياسية الاردنية التي ما زالت تراوح مكانها وترتب اوراقها حول جديتها في المشاركة بالانتخابات.

وقد تجلت تلك الصورة في تنظيم انتخابات داخلية ضمن اجراءات وتدابير صحية للوقائة من فايروس كورونا ، احتكمت به العشائر للصناديق ومارس المنتخبون حريتهم باجواء دافئة حميمية لافراز مرشحهم للانتخابات المقبلة المقررة رسميا من قبل الهيئة المستقلة للانتخابات ب 10 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل مع انتهاء دورة المجلس الحالي، وذلك بعيد إعلان جلالة الملك عبد الله الثاني عن إجراء الانتخابات وهو خيار باعتقادي لا رجعت عنه.

وبرز أعتماد المرشحين على القاعدة الاجتماعية والعشائرية "الخيار العشائري" للوصول إلى البرلمان، كأبرز الطرق للوصول إلى مقعد مجلس النواب وهذه العملية تقتصر معظمها على المناطق الاكثر عشائرية وبعيدة عن العاصمة كسبيل وحيد للوصول الى البرلمان.

وما دفع هذه العشائر لاختيار اللجوء للانتخابات الداخلية امور عدة اولها : تجاوز مرحلة من التناحر والاختلاف والتخاصم ، وثانيا : حتى تحوز على المقعد النيابي لمنطقتها بشكل اكيد ، وثالثا : اتاحة الفرصة للاجماع على مرشح واحد يعبر عن ارادة الاغلبية داخل تلك المجتمعات ، ورابعا : حمل قضايا هذه المنطقة ومتطلباتها وايصالها لصانعي القرار.

(والاجماع ) بمعناه العشائري الوفاق والاتفاق ونبذ كل من ينشق عنه، ويعتبر ميثاق بين جميع الافخاذ والعشائر داخل المنطقة التي تجمعهم دائرة واحدة.

وهي تجربة يرى فيها الكثير من المتابعين النجاح للديقراطية ومؤشر ايضا على اتساع قاعدة المشاركة في الانتخابات، كما انها تجربة تفوقت بها العشائر على الاحزاب وعلى ما يبدو فان التجربة لديها أنظمة ومواثيق واعراف وقواعد اخلاقية وادبية مكنتها من تصميم ادوات جديدة نحو الحياة البرلمانية.

وما يؤخذ على بعض هذه الانتخابات ببعض المناطق انها تختزل دور النائب بالدور (الخدمي ) من منطلقات عدة اهمها تمثيل احتياجات تلك المنطقة جراء ما تعانيه من فقر وبطالة ونقص في الخدمات الصحية والشبابية والتعليمة وغيرها ، أضافة الى قضايا تتعلق بالتعين في الوظائف الحكومية وخدمات اخرى مثل فتح الطرق ، وانارة الشوارع ، والاعفاءات الطبية وهو ما يتناقض مع الدور المأمول للنائب في ممارسة دوره الرقابي والتشريعي والسياسي، لكن هنالك تداخلات كثيرة فرضت عليه هذا الواقع وهي متعددة وشائكة ، يمكن ان يكون ابرزها ان تجربة مجالس المحافظات لم تؤخذ مكانها المعهود والمطلوب لاعتبارات كثيرة وكبيرة ، وهو الامر الذي اصطدم بتوجه الدولة نحو برامجية الانتخابات وحزبيتها وافرز المؤهل والكفوء والقادر على اثراء الحياة السياسية والاقتصادية عبر ممارسة واجبه.

ومما ساعد على الحضور العشائري في الانتخابات اعتماد القانون الحالي ، والتقسيم الانتخابي الذي اعتمد على الجغرافية وليس على الكثافة السكانية ، ورفع الغطاء عن افتقار المناطق للخدمات الصحية والشبابية والرياضية والتعليمية ، وانتشار جيوب الفقر واتساع دائرة البطالة ، وانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات وترويجها ، والاهم ودور قانون الانتخاب في ذلك ، كمنطلق لها ومبرر مشروع لافراز نائب خدمات قادر على الدفاع عن حقوق تلك المنطقة ومتطلباتها واحتياجاتها.

وقد ساهمت العشائرية على مر العقود السابقة في دعم ومساندة كل الاتجاهات الوطنية والسياسية، وشكلت أحد أبرز أعمدة الاستقرار السياسي في مواجهة الأزمات السياسية الداخلية والإقليمية، باعتبارها مصدراً أميناً منتميا للاردن مواليا للقيادة الهاشمية .

مدار الساعة ـ