في ليلة مظلمة من ليالي الزرقاء، حدثت مأساة ستظل وصمة عار في جبين مجتمعنا. طفلان بريئان، لم يعرفا سوى أنهما في حضن أبيهما، انتهت حياتهما في سيل جارف بلا رحمة، لأن من كان يُفترض أن يحميهما تحوّل إلى قاتل بلا ضمير.
هذه الجريمة ليست مجرد حادثة عابرة؛ إنها نتيجة لإهمال طويل الأمد من مجتمع يغض الطرف عن القسوة، وقوانين تعطي القتلة ثغرات للفرار من العقاب.
رسالة صارخة إلى المسؤولين والمشرّعين والإعلام
1. المسؤولية التشريعية:
القوانين التي تُخفّف العقوبات على مرتكبي الجرائم الأسرية هي شريكة في الجريمة.
كيف يمكن أن يكون إسقاط الحق الشخصي كافياً لتقليل عقوبة من يقتل طفلاً؟
أين العدالة في ان يترك الأطفال عرضة لغضب الآباء أو أمهات فاقدي الإنسانية؟
يجب على المشرّع الأردني تعديل القوانين فوراً لتجعل حياة الطفل أولوية، وليس ثغرة قانونية تُستغل.
2. الإعلام: شريك أم متفرّج؟
الإعلام يتعامل مع مثل هذه الجرائم كقصص مثيرة تُباع عناوينها، دون أن يتبنّى دوراً حقيقياً في تغيير المجتمع.
أين الحملات التوعوية المستمرة حول حماية الأطفال؟
أين البرامج التي تُعلّم الآباء والأمهات أهمية الصحة النفسية؟ الإعلام يجب أن يتوقف عن كونه متفرجاً ويتحول إلى أداة لتغيير القيم المهترئة التي تُفضي إلى هذه المآسي.
حرقة الأم هذا القلب الذي احترق مرتين
يا لها من حرقة، أن ترى أم أطفالها يُسلبون منها ليس على يد عدو، بل على يد من شاركها بناء هذا الحلم.
• حرقتها ليست فقط في الفقد، بل في الشعور بالعجز؛ عجزها عن حماية من حملتهم في أحشائها تسعة أشهر.
• حرقتها في الليل الذي يمرّ دون سماع ضحكاتهم أو احتضانهم.
• حرقتها في التساؤلات التي لن تجد لها إجابة: “ماذا لو كنت هناك؟
ماذا لو كنت أنا الضحية بدلاً منهم؟”
هذه الأم هي رمز لكل أم تُترك وحدها تواجه قسوة زوج أو مجتمع أو قوانين لا تراها ولا تُنصفها.
تشديد العقوبات ضرورة، وليس خياراً
جرائم القتل داخل الأسرة هي أبشع أشكال الإجرام لأنها تُرتكب بحق من لا حول لهم ولا قوة. على المشرّع الأردني أن يضع قوانين صارمة لا يمكن تخفيفها لأي سبب كان.
1. لا لإسقاط الحق الشخصي: حياة الطفل ليست ملكاً للأهل، والعقوبة يجب أن تُنفذ بكل حزم.
2. السجن المؤبد أو الإعدام: أي شخص يقتل طفلاً يجب أن يعرف أنه سيواجه أقسى العقوبات، بغض النظر عن الأسباب أو الظروف.
3. مساءلة الأم أيضاً: في حالات العنف الأسري، على القانون أن يُحاسب كل طرف يعلم بالجريمة أو يشترك في الإهمال الذي يؤدي إلى وقوعها.
لماذا وصلنا إلى هنا؟
العنف ضد الأطفال هو نتيجة حتمية لتحلل القيم، ضعف الوازع الديني، وتفكك الروابط الأسرية. علينا أن نواجه الحقيقة: نحن كمجتمع نتحمل جزءاً من المسؤولية، لأننا نسكت على الإهمال، نسكت على القسوة، ونترك أطفالنا رهائن في منازل بلا رحمة.
وعلى لسان جميع الأطفال الذين ذهبوا ضحايا العنف الأسري
“لا تنسونا. لا تجعلوا موتنا مجرد قصة تُروى في الأخبار.
نحن فقدنا حياتنا لأن الجميع خذلنا: أب قاسٍ، أم عاجزة، قوانين، ومجتمع غافل. لا نطلب شيئاً سوى أن تجعلونا آخر ضحايا هذه المآسي.
أوقفوا السيل قبل أن يبتلع أطفالاً آخرين.”