بقلم: عصام فخر الدين
الفرد هيتشكوك نابغة وصانع محتوى مرموق حيث كان من أهم المخرجين السينمائيين بالقرن الماضي حيث اهم أفلام الرعب والإثارة، ومن اهم أفلامه والذي ذاع صيته فيها فيلم الطيور (The Birds).
تدور قصة الفيلم حينها حول ظهور كمية كبيرة من الطيور الجارحة والقاتلة التي تهاجم قرية صغيرة، حيث اجبرت من خلالها سكان القرية على الهروب واللجوء إلى بيوتهم واغلاق الأبواب والشبابيك بطريقة محكمة لمنع دخول الطيور إلى بيوتهم وحماية أنفسهم.
ومع مرور الأيام اعتقد سكان القرية أنهم في مأمن داخل بيوتهم، ولكن مع نفاد كميات الطعام والشراب والوقود وتعطل مصالحهم، اعتقدوا أن الطيور قد ذهبت وولت، لكن للأسف عندما فتحوا الأبواب دخلت الطيور الجارحة إلى المنازل وقامت بمهاجمتهم من جديد وبطريقة شرسة.
ذكرني الفيلم بنفس المشهد الحالي في بلادنا، حيث "الملاخمة" جزء من ملامح المرحلة لدينا والذي نعيشه بفرق واحد هو أننا نواجه فايروس خفياً وليس طيوراً يمكننا رؤيتها!
بظهوره حينها قمنا بإغلاق البلاد وحبسنا العباد طيلة شهرين وأكثر واوقفنا الأعمال وأمتنا الاقتصاد واعتقدنا بان الفايروس قد "نشف ومات"، واحتفلنا ورقصنا على هذا الإنجاز المخادع، ولكننا فوجئنا وعند قراءة تقرير لمنظمة الصحة العالمية بأننا في قعر القائمة من حيث التعامل مع مكافحة الفايروس. للأسف وشديد الأسى!
لقد أقنعنا أنفسنا بأن ما نقوم به من إجراءات هو الصحيح وتفاخرنا بانه ليس لدينا أية حالات تذكر إذا ما قورنا بالدول الأخرى.
الإغلاق في البداية كان ضرورياً كسائر دول العالم لأن الفايروس كان مستجداً على العالم ولا يوجد خبرة مسبقة بالتعامل معه، ولكن الفرق بيننا وبين الدول الأخرى أنهم خططوا لمرحلة ما بعد الاغلاق وإمكانية التعامل مع موجة جديدة من الفايروس.
في بلادنا للاسف كانت معظم الاجراءات تدور حول الاغلاق والحظر والعزل... اما الاقتصاد وقوت العباد فلهم الله. في حين كانت معظم دول العالم تتعامل مع الموجة الجديدة بطريقة مختلفة، وبخاصة مع إقرار منظمة الصحة العالمية بان الفايروس قد أصبح أقل خطرا وان أكثر من 98% من الإصابات تكون أعراضها خفيفة أو معدومة والحالات الصعبة قليلة مع وجود علاجات تخفف من حدة المرض.
لم تغلق هذه الدول بلادها مجددا كما فعلت بالسابق لأنها هيأت نفسها لموجه ثانية وربما ثالثة
- إذاً.. ادرك العالم أن الاغلاق ليس الحل - وقد اعترف وزير الصحة الألماني قائلا: "لو كانت لدينا المعلومات التي لدينا الآن لما أغلقنا المحلات والمصانع والأسواق في الربيع الماضي"، وحتى رئيس الوزراء لدينا اعترف وقال: إن الإغلاق والعزل غير مجدٍ لا صحياً ولا اقتصادياً.
إذا لم نغير طريقة التعامل مع مكافحة الفايروس ونتعلم من الدول الأخرى واستمررنا بنفس النهج من الحظر والعزل والإغلاق والتوقيف فستكون الأمور كارثية كما نحن في بدايتها الآن!
. الفايروس سينتهي في هذه العام او الذي يليه بإذن الله ، ولكن لن ينتهي الدمار النفسي والصحي والاقتصادي للمواطن الأردني الا بعد سنوات طويلة.
أرجوكم اوقفوا هذا التدمير الممنهج وانفتحوا اكثر على تجارب دول لها باع وذراع في التعامل مع هذا الوباء.. حتى لا يكون مضاعفاً عندنا البلاء وحمى الله الأردن ومليكها وشعبها الطيب