مدار الساعة - كتب: ذوقان عبيدات
كتب جميل النمري مقالة في الدستور قبل يومين قال فيها: لدينا كهول تربويون أثبتوا حضوراً لافتاً في المناهج والتعليم، فلماذا لا يستمع لهم على المستوى الرسمي؟
قابلت أمس طفلاً في العاشرة من عمره، أنهى الصف الرابع صعوداً إلى الخامس وأعطاني دروسا تربوية مهمة قد لا تتوافر لدى الكثير من الخبراء ولا حتى كليات التربية، ومما قاله:
لماذا يضطر الطالب إلى تعلم جميع المواد الدراسية إذا كان يعرف ماذا يريد وأين سيتجه، وقدم مثالاً إنه يفكر في أن يكون مصوراً، فلماذا يرهق بمواد دراسية عديدة لا علاقة لها بما يريد؟ ولماذا يصرف جهداً ضائعاً؟ ولماذا لا تركز المدرسة على نمطه ورغباته؟ ولماذا لا تساعده المدرسة على الكشف عن إمكاناته وقدراته؟
إن ما احتاجه من المدرسة هو تعلم المهارات الأساسية: تخيلوا يريد أن يكون برنامج المدرسة: اللغتين العربية والإنجليزية والحساب أما باقي المعارف فيمكن الحصول عليها لاحقاً وبعشرات الطرق وذاتياً. وبناء على ذلك لا يحتاج الطالب إلى الذهاب يومياً إلى المدرسة!!
إن الكتب المدرسية تختلف عن مصادر المعرفة الأخرى فالكتب تحوي مجموعة حقائق، بينما المصادر الأخرى تحوي معلومات وآراء والتعامل معها يجعلني قادراً على فحص المعلومات والحكم على مدى دقتها، بينما الكتاب لا يعطيني الفرصة للتفكير فيما يعرضه من حقائق.
إن سلوك المعلمات سلوك عجيب، فهن ينقلن إلينا معلومات الكتاب، ونحن نستطيع الوصول إلى أضعاف هذه المعلومات وبوقت يقل كثيراً عن بطء المدرسة والمعلمات.
وينتقد المعلمات بأنهن يمررن بسرعة على واجباتنا، ويضعن ملصقاً مكتوب عليه "seen" أي ما كان يسمّى على أيامنا، بل ومازال في مدارس الحكومة يسمى "شوهد" ويركز على أن المعلمة لا ترى إطلاقاً ما قالت إنها شاهدته!
ومن الملفت جداً ما قاله الطفل جبر الديك عن السمكة التي يقيمونها من خلال قدرتها على الصعود إلى الشجرة ويحكمون عليها بالفشل والرسوب لعدم قدرتها في إشارة إلى لوحة عالمية فيها سمكة وفيل وعصفور وقرد يقدمون امتحاناً عادلاً كان السؤال فيه: اصعدوا على الشجرة! قال الطفل كيف سنتهم السمكة بالغباء إذا لم تصعد الشجرة! وما هذه العدالة؟ ولماذا لا يكون للسمكة امتحاناً خاصاً يختلف عن امتحان الفيل أو العصفور؟
ومما قاله جبر الديك – طفل العشر سنوات – إنني أعمل في المدرسة سبع ساعات أو ما يقاربها! فلماذا يعطونني واجبات في البيت؟ ألا يحق لي أن استمتع بهذا الوقت وأن أخطط نشاطاتي بعيداً عن المدرسة؟
وأخيراً، أنا مستمتع بالتعلّم عن بعد ولا أحتاج الذهاب إلى المدرسة يومياً، قد أكتفي بيوم أو يومين في المدرسة، وفي التعلم عن بعد أتعلم بسرعة أكبر وبكميات أكثر، كما أتعلم ما أحتاج.
هذه تطلعات الطفولة وبعضها يتطابق مع تطلعات الكهول والمشكلة ليست في أننا لا نستمع إلى الكهول بل لا نستمع إلى الأطفال! ولا نستمع إلّا لصوت المسؤول! فمتى نستمع؟