كتب: د. محمد كامل القرعان
كثير من القضايا تشغل بال المواطن وتاخذ جانبا كبير من تفكيره وتحتل مساحة كبيرة من حديث الشارع، وقد اخذت تتسع دائرتها بشكل اكبر في ظل جائحة كورونا وتخصيص صناديق للتبرعات مثل همة وطن، ولعل أهمها، ما يتعلق بملف أوجه انفاق المال العام، بما فيها القروض والمنح والمساعدات الخارجية.
والمقصود هنا تحديدا (المال العام) هو أين تذهب الاموال التي تجمعها الحكومة ؟ وكيف تتصرف بها ؟ وفي اي شأن تستثمر؟ حقيقة اسئلة واستفسارات لا تعد ولا تحصى، والخطير في المسألة ما يراود هذه الاستفسارات من شكوك بذهن المواطن تتعلق في عدم الثقة في التصرف في هذه الاموال.
حسنا فعلت الحكومة في المبادرة بالرد بكل شفافية على هذه الاسئلة واطلاع الرأي العام، ولو جاءت خطوة متأخرة لكن كما يقال (الرمد ولا العمى) ؛ فالمكاشفة والصراحة والوضوح ، أمور تتعلق بتعزيز ثقة المواطن بنهج الحكومة التي تستمد شرعيتها من قبول الناس لها بادارة شأن البلاد، بما يمدها من العزم والقوة في المضي قدما في تحقيق الاهداف المنشودة من مشروعات وبرامج وطنية تعود بالنفع في تحسين الحال العام للمجتمع وترفع من وتيرة عمل الخزينة.
فكل ما يحمل شبهة الرشوة أو المحاباة،والفساد واشكاله ، والتهرب الضريبي والجمركي والواسطة والمحسوبية ، وما يتعلق بهما من موضوعات تتعلق بالتنفيعات والتعيينات وغيرها أثرت على سلسلة الانجازات الحكومية ، وهي بالاحرى عناوين المرحلة ، مما يترتب من مسؤولية الاجابة عنا وتفنيدها، وذلك لطمأنة المواطن وتبديد كل الاشاعات والاقاويل التي تأخذ مفعولها في نفس المجتمع ، وتنعكس بالتالي سلبا على المزاج العام للمجتمع في التعاطي مع الانتماء للوطن والانتاج والنهضة.
وهناك شكوك كبيرة تدور في (فلك الحكومة) في جديتها الوقوف بكل حزم مع هذه الموضوعات والتعامل مع هذا الجانب بتعزيز منظومة النزاهة وتطبيق القانون وإجراءاتهم الهادفة لحماية المال العام من الاستسهال والتطاول عليه.
وفي خط متواز يجب ان تطلق الحكومة يد دوائر المكافحة والرقابة والمحاسبة لتاخذ بعدها في تحصين وتحصيل المال العام دون الاستثناء لاي جهة او مؤسسة او شخصية ، وإعطاء مزيد من الاستقلالية لها حتى يقوموا بدورهم على أكمل وجه ، وحمايتهم ايضا كدوائر من التجاوز والحد من عملهم ، وتعديل القوانين الناظمة بما فيها قانون غسل الأموال.
وكما تطالب الحكومة الحفاظ على المال العام فمن واجب المواطن ايضا الحفاظ على عليه وهو ليس مقرونا فقط بالمال بل بالشارع والمكان العام والحديقة والملعب والمستشفى وكل ما على الارض ويقدم خدمة عامة فهو حق للجميع.