بقلم الدكتور أحمد صالح البطاينه
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية اتباع سياسة وقف الاقتراض لوضع حد لهذا التصاعد في المديونية التي تفتك بنا وباقتصادنا، وبالتالي بحياتنا عبرعدم السماح للحكومات تحت أي ظرف بالاقتراض، إلا في حدود ما يحدده التشريع المعتمد، والعمل الجاد على تآكل المديونية على المدييين القريب والبعيد كهدف استراتيجي لكل حكومة، وعلى هدي مثلنا الشعبي الشهير " على قدر لحافك مُدْ رجليك ".
لتعلم حكوماتنا يقيناً أن غالبية أبناء هذا الوطن الذين يعيشون فيه ويعيش فيهم على استعداد أن يأكلوا الكراديش ليبقى هذا الوطن عزيزاً كريماً نظيفاً من المتاجرين به وبهم، وتخليص هذا الوطن من المديونية التي أصبحت تشكل عبئاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً عليه. ولكن لا يحق لأي حكومة أن تجعل المواطن الأردني يدفع الثمن وحده كاملاً غير منقوص دون المتسببين بالفساد والإثراء غير المشروع الذي يتمتع فيه نسبة غير قليلة في الأردن على حساب الغالبية الساحقة من أبنائه.
ولكن يحق لها أن تطالب المواطن أن يتحمل نصيبه من هذا المغرم إذا ارادت واستطاعت أن تكسر فعلاً ظهر الفساد وضرب معاقل الفاسدين وبمعزل عن أي اعتبارات مهما كانت ، وأن لا أحد بمنأى عن المساءلة على جميع المستويات.
إلى جانب ذلك وكما اتخذت الحكومات ساسلة من الاجراءات الاقتصادية التي استهدفت المواطنين تحت وطأة الضغوط الاقتصادية، فإنها مطالبة ايضاً باتخاذ سلسلة من الاصلاحات السياسية والاقتصادية ، فلا إصلاح اقتصادي دون أن يلازمه إصلاح سياسي، وما كان للشعب الأردني واقتصاده أن يصل لهذه المعاناة وتداعياتها الاجتماعية الخطيرة لو تهيأت له فرصة اطلاق العنان للمعارضة البناءة والمكاشفة والمساءلة الحقيقية عبر الأطر الدستورية لتصحيح مسار الدولة على كل المستويات.
ألم يصل إلى مسامع حكومانتا المستجدة من هنا وهناك مراراً وتكراراً تحذيرات من خطورة ما وصلت إليه المديونية وضرورة اتخاذ الاجراءات الضرورية لوقف تصاعدها من بينها على سبيل الأمثلة وليس الحصر ضبط الهدر في الانفاق الحكومي، وإلغاء ما يسمى بالهيئات والوحدات المستقلة التي أصبحت عبئاً ثقيلاً على موازنة الدولة، ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي والدفع بعجلة تشجيع الاستثمار، إلى غيرها من الاصلاحات، والأهم من ذلك كله إعادة النظر بكل ظواهر الانفاق المتعددة والمتنوعة الوجوه التي لا تتناسب مطلقاً وإمكانيات الدولة.
ولكن النهج المعتمد الذي كان ولا يزال للحكومات اتجاه كل ذلك " قل ما تريد وأنا أفعل ما أريد " حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من المعاناة الوطنية.