أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية شهادة مناسبات جاهات واعراس الموقف شكوى مستثمر مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

البروفيسور الملاعبة يكتب: طريق الإيلاف القرشي.. مسار الرحلة عبر حرة البادية الاردنية

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ
حجم الخط

كتب: أ.د. أحمد ملاعبة

كانت للعرب ثلاث طرق تجارية من الجزيرة العربية، اولها طريق ايلاف القرشي محور الحديث وله مساران الاول معروف من مكة نحو المدينة ومن ثم العلا مرورا بجنوب الأردن وبعدها عبر الطريق الملوكي عبر وادي الموجب وذيبان وام الرصاص ثم باتجاة عمان والرصيفة والزرقاء والسخنة والهاشمية الحرية السمراء باتجاه ام السرب نحو بصرى الشام. والمسار الثاني مدار البحث عبر البادية الاردنية او الحرة .. من مكة نحو بصرى

ورحلتهم الأخرى باتجاه غزة هاشم التي اكتسبت هذا الاسم من اسم جد الرسول “ص” هاشم، تبدأ الرحلة من مكة الى جدة وعلى امتداد ساحل البحر الاحمر الذي كان اسمه في ذلك الحين بحر القرم الى ان تصل القوافل منطقة الوجه وهي تقع الى الغرب من العُلا، ومن ثم الى خليج العقبة- اسمه القديم آيله فالى معان ومنها عبر صحراء النقب الى غزة هاشم، والطريق الثانية هي طريق القوافل في رحلة الحيرة في العراق، هذه الطريق تاخذ نفس مسار طريق الايلاف القرشي ولكنها تنفصل عنها عند دومة الجندل فتسلك القوافل طريقا اخرى باتجاه الشمال الشرق داخل الحدود العراقية.

الإيلإف القرشي داخل الاردن .. مسار الحرة

قافلة الرسول الاكرم “ص” من دومة الجندل مشيا داخل الحدود الاردنية عبر وادي السرحان الذي يقع على الحدود الاردنية السعودية الى الجنوب الشرقي من الجفر، ووادي السرحان وهو تركيب جيولوجي يمتد طوله الى اكثر من 350 كم ابتداء من الشمال الغربي للسعودية الى اطراف جبال لبنان ، وهو وادٍ فسيح كان يشكل طريقا مناسبة جدا لسير القوافل، وكان في السابق يزخر بالغدران المائية التي جفت وبشكل عام فان “حرّة الشام” وهي “الحرّه” البازليته وتعرف عالميا بـ Black Desert او الصحراء السوداء كانت اوديتها الكثيرة الكبيرة عبر التاريخ تمتلئ بالغدران ومناقع ومسايل المياه ويرجح ان تكون المحطة الاولى لقافلة الرسول “ص” غدير الملاح ويقع الى الجنوب الشرقي من الازرق، وكان هذا الغدير وافر المياه ويوجد الى الغرب من الغدير اثار كثيرة ما

إن امكانية رسم معالم الطريق عبر تتبع رحلة الرسول الاكرم “ص” وهو في الخامسة والعشرين من عمره مع خادمه ميسرة وذلك عام 595م فالقافله انطلقت من مكة المكرة الى الابواء وهي تقع بين مكة والمدينة المنورة، وبها توفيت آمنة بنت وهب ام الرسول “ص” وكانت فيها اسواق العرب ومن ثم انطلقت الفافله الى محطتها التالية وهي المدينة المنورة وبعدها الى تيماء واخير في الاراضي السعودية الى “دومة الجندل” وهي “الجوف” وبعدها تدخل القافلة الاراضي الاردنية.

كانت للعرب ثلاث طرق تجاريه من الجزيرة العربية، اولها طريق ايلاف القرشي محور الحديث وثانيها باتجاه غزة هاشم التي اكتسبت هذا الاسم من اسم جد الرسول “ص” هاشم، تبدأ الرحلة من مكة الى جدة وعلى امتداد ساحل البحر الاحمر الذي كان اسمه في ذلك الحين بحر القرم الى ان تصل القوافل منطقة الوجه وهي تقع الى الغرب من العُلا، ومن ثم الى خليج العقبة- اسمه القديم ايله فالى معان ومنها عبر صحراء النقب الى غزة هاشم، والطريق الثانية هي طريق القوافل في رحلة الحيرة في العراق، هذه الطريق تاخذ نفس مسار طريق ايلاف القرشي ولكنها تنفصل عنها عند دومة الجندل فتسلك القوافل طريقا اخرى باتجاه الشمال الشرق داخل الحدود العراقية.

ايلاف القرشي داخل الاردن

تابعت قافلة الرسول الاكرم “ص” من دومة الجندل مشيا داخل الحدود الاردنية عبر وادي السرحان وكان في السابق يزخر بالغدران المائية التي جفت وبشكل عام فان “حرّة الشام يشير الى ان المكان كان محطة على طريق القوافل كما يوجد الى جانب الغدير اطلال لقصر قديم جدا اسمه القسطليه والغدير يبعد عن الازرق بحدود 30 كم.

ومن غدير الملاح انطلقت القافله الى فيضة البقيعاوية والفيضة هي كثيرة الفيض اي ماء يفيض والبقيعاوية مصغر بقعة وهي مكان كثير الماء في جوفه اي ان فيضة البقيعاوية اكتسبت هذا الاسم بسبب التقاء عدد من الاودية عنده، والمنطقة عبارة عن ارض سهلية ممتدة تتجمع فيها المياه واشتهرت هذه المنطقة لوجود شجرة وئيدة -وحيده- فيها وهي شجرة من البطم الاطلسي يتجاوز قطر ظلها 50 متراً ولها ساق متجدلة تدل على قدمها وجذورها ضاربة في اعماق الارض ولكثافة جذورها ظهرت بعض هذه الجذور وكانها ضفائر مجدلة وقد اثارت هذه الشجرة جدالاً كبيراً على مدى السنوات الماضية لجهة قول البعض ان الرسول الاكرم “ص” قد تفيئ تحت ظلها، ولكن الفحص الذي اجري لها حدد عمرها بـ 600 عاما فقط، ومع ذلك فانه لا يسبتعد ان تكون الشجرة موغله في القدم اكثر من 600 عاما فجذور هذه الشجرة لا تنتمي الى ساق واحدة ولربما يحتاج الامر الى عمليات حفر حول الشجرة للوصول الى الجذور القديمة واخذ عينات منها وتحديد عمرها فالشجرة تبدو تعاقبت مكانها لأكثر من جيل وهذه الشجرة تتساقط اوراقها شتاء وتخضر صيفا وتصبح اوراقها كثيفة جدا في الصيف حتى ان الجالس تحتها يشعر ان اعضاءها تلامس اديم الارض، وان الجالس تحت ظلها يشعر براحة وطمأنينة وذلك لما تشيعه من برودة ورطوبة في مكان يشتد فيه القيض صيفا.

من الفيضة انطلقت القافلة باتجاه الشمال الغربي مخترقة طريقا تاريخية معبدة تقع في منتصف المسافة بين الازرق والصفاوي لتصل الى براكين الاشهب وهي براكين يتجاوز عددها عشرة وعلى كل بركان مبني برج للمراقبة وفي الابراج نقوش نبطية وصفوية ورمانية عربية وكوفية وسميت بالاشهب لان لونها رمادي ومن الأرض الشهباء تتفرع الطريق باتجاه دير الكهف بالقرب من بلدة دير الكهف على الحدود السورية ومنها الى قرية مدور القن وهي على الحدود ايضا ومن ثم الى قرية “امتان” وهي قرية سورية واما الطريق الثانية المتفرعة من براكين الاشهب تنطلق من الاشهب الى قرية ام القطين وهي قريبة من الحدود ويعتقد انها اكتسبت هذا الاسم لان تين الشام كان يجفف فيها والطريق من الاشهب الى ام القطين تعتبر جزءاً من طريق “المنقاه” ولا زالت بقاياها موجوده وهي مرصوفة ويتجاور عرضها ستة امتار ويعتقد انها طريق كان يسلكها الرومان وسلكها الامبراطور “تراجان” من بصرى الشام الى خو فقصر شبيب الى عمان فالى البتراء واخيراً الى “العُلا” في السعودية، وهو الامبراطور الروماني الذي اسقط دولة الانباط في القرن الثاني ويوجد طريق ثانية من بصرى الشام انشأها الامبراطور الروماني “ذيوكليتا نوس” في القرن الرابع الميلادي تصل الى الازرق -قاع الأزرق- وكان لها متفرع يتجه الى الحبانية والحلابات لغاية ام الجمال والطرق التاريخية اما مرصوفة او عبر علامات رجوم للاهتداء على الطرق.

من ام القطين يعتقد ان الرسول الاكرم “صلى الله عليه وسلم” مر بها انطلقت القافلة الى بصرى الشام، التي كانت مركزاً تجاريا مهما، فيه تباع الحبوب ودبس الرمان ودبس العنب، ويصلها مع قوافل العرب التمور والملابس والخيام المنسوجه.

مدار الساعة ـ