بقلم: الدكتور خلف ياسين الزيود
والفساد يأتي على شكل بسيط مثل الرشوة والابتزاز, ويأتي ايضاً على شكل كبير منظم يمارس من قبل مسؤولي السلطات الثلاث التشريعية,التنفيذية والقضائية والناس التي تستفيد منه بطرق عدة حيث يمارس مالياً وادارياً وبأشكال كثيرة, حسي ومعنوي ومن قبل الناس والمسؤول جميعاً.
والفساد ليس فقط بالقطاع العام لوحده بل قد يكون اكثر في القطاع الخاص وفي مؤسسات المجتمع المدني, ويختلف حسب طبيعة النظام الاقتصادي والوظيفي المتبع.
وعليه فمهما وصل عليه مستوى الفساد سواء بالقطاعين فهنالك حدود لا يستطيع المجتمع أن يتعايش ويستمر بقبولها ولا الدولة كذلك, من هنا تأتي أهمية وضرورية مكافحة الفساد وخلق اساليب متطورة متحدثة تساهم بانتاج منظومة اخلاق ومنهجية دولة ومجتمع تصبح هي أهم الوسائل الراسخة الذاتية للحد وانهاء كل اشكال الفساد. وهذا نراه في كثير من الدول المتقدمة في العالم التي نجحت تماماً بانهاء الفساد على جميع صعد الحياة السياسية والاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية.
وهنا اقول انه اذا اصبح الواحد منا واعياً ومتمسكاً بكامل حقوقه والدفاع عنها واحترام حقوق الاخر والقيام بواجباته الوظيفية بسلوكيات مبنية على اساس صدق الامانة وصدق الوطنية ونبل المبدأ الديني الاخلاقي, عندها ستضعف وتصغر هذه المساحة من الفساد بالتدريج الى الحدود التي يصبح فيها المجتمع كله اداة ردع للفساد واشكال ممارساته, الى جانب الماكينه الاعلامية وثورة المعلومات والاتصالات التي تساهم بسهولة وسرعة بتطور المجتمع المدني وتفاعله للوقوف بمحاربة والحد من أي ظاهرة فساد او غيره ضمن صحوة مجتمعية جديدة تمارس من قبل كل المجتمعات وخصوصاً المجتمع العربي وهذا ما نراه في كثير من دول الجوار والاقليم.
أما كيف السبيل لمحاربة الفساد فهو قد يذهب باتجاه القاعدة التي تقول فكر عالمياً ونفذ محلياً من خلال الشفافية الكامله لمنظومة العمل في جميع المؤسسات العامة والخاصة الى جانب الحاكمية الرشيدة في حسن وعدالة استخدام الموارد والايرادات وتحقيق واعتماد المساءلة القانونية في إدارة شؤون الدولة، والمحاسبة الحقة بحق كل من يرتكب فساداً مهما كان نوعه ومستواه.
وحيث نرى اليوم ان هنالك طلباً دولياً جاداً باتباع الشفافية ومحاربة اشكال الفساد لان العالم كله تأثر منه, حيث نرى خسارات كبيرة ومتعددة للشركات والمؤسسات بسبب قيام شركات اخرى بصلات مشبوهة بكبار مسؤولي الدول التي عقدت فيها الاتفاقيات والصفقات. وبغض النظر عن الجهة التي أثارت إشكالية الشفافية، فإنها تلقى قبولاً من الدول كافة التي أدركت بأن غياب الشفافية والمسائلة تؤدي إلى إلحاق خسائر فادحة بالمجتمعات التي تفتقر إلى مثل هذه الضوابط، وعلى المستويات الأخلاقية والسياسية والاقتصادية كافة. وهذا ما يدفع الناس الى فقدان الثقة بالنظام السياسي وبرامج الدولة وعدم الاكتراث بها وبقراراتها وبالتالي يقع الركود السياسي والاقتصادي ويبتعد الناس عن التشاركية والتفاعلية مع كل ما يأتي من الدولة واذرعها. وعليه فان مكافحة ومحاربة الفساد وبكل اشكاله هي التي ستحقق التنمية المستدامة والعيش والتعايش ضمن مناخ الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبالنهاية احترام وتقدير النظام السياسي ومنهجيته التي من المؤكد انها ستقف وتلبي الرؤيا العامة للناس وطموحاتهم وسترتفع حصيلة المشاركة والتشاركية وسيتحمل ويرضى الناس بالنتائج والمخرجات مهما كانت لانهم صناعها.