اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مناسبة سنوية لقادة الدول لعرض مواقف بلادهم حيال مختلف القضايا والأزمات القائمة والطارئة على المسرح الدولي
الملك عبدالله الثاني يواظب على ترؤس الوفد الأردني لاجتماعات الأمم المتحدة ويلقي في كل سنة كلمة الأردن التي ترسم سياسة المملكة الخارجية حول مختلف القضايا.وعلى هامش الاجتماعات، تُوفر المناسبة فرصة لإطلاق رسائل سياسية أكثر تفصيلا بشأن ملفات شائكة تهم المنطقة
خطاب جلالة الملك أول من أمس كسائر الخطابات السابقة،خصص الجانب الأكبر منه للقضية الفلسطينية،التي تمثل الأولوية الأولى للأردن
الخطاب جاء بعد أيام قليلة على انتخابات غير حاسمة في إسرائيل،وضعت مستقبل نتنياهو السياسي في حالة من الغموض،تخدم في كل الأحوال الموقفين العربي والفلسطيني
وكان هذا مناسبة للأردن لتذكير زعماء الدول بأن كل المحاولات الرامية لتصفية قضية الشعب الفلسطيني عبر حلول أحادية، وصفقات تتجاهل الحقوق التاريخية الثابتة لن يكتب لها النجاح.وبنفس الثقة والقوة في الطرح أكد الملك مرة أخرى أن لا حل للقضية الفلسطينية إلا بحل الدولتين، وجلاء الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 67 بمافيها القدس الشرقية،عاصمة الدولة الفلسطينية
لا يعجب هذا الموقف أبدا القوى اليمينية في إسرائيل ولا فريق أميركي يسعى لطرح خطة للسلام تتجاهل تماما حل الدولتين.لكن سير الأحداث الميداني والسياسي يخدم الموقفين الأردني والفلسطيني،ويحرج دعاة الصفقة المشؤومة، وربما تدفع تلك الأحداث بطي صفحة الصفقة إلى الأبد،بعد نتائج الانتخابات في إسرائيل واقتراب موعد الحملة الانتخابية في أميركا، وأزمة ترامب الأخيرة وقرار الكونغرس البدء بإجراءات عزل الرئيس
مقابلة الملك مع قناة إم أس إن بي سي كانت نافذة أخرى لعرض موقف الأردن من ملفات إقليمية تشهد تطورات خطيرة كالملف الإيراني وبالطبع الأزمة في سورية
أوضح الملك بشكل جلي مواقف الأردن من هذه التطورات. في الموضوع الإيراني والهجوم الأخير على أرامكو السعودية، أعلن الملك وقوف الأردن المطلق إلى جانب السعودية في حفظ أمنها واستقرارها.لكن على المستوى الكلي لأزمة،الأردن لايفضل التصعيد ولا اللجوء للحل العسكري،ويدعم خيار الدبلوماسية والحوار، ويحذر من حشر إيران في الزاوية بفرض مزيد من العقوبات عليها.وبهذا الشأن يدعم الملك تبني مقاربة ذكية لتحديد الهدف والاستراتيجية عند التعامل مع الملف الإيراني
في الموضوع السوري، تظهر تصريحات جلالة الملك دعم الأردن للمسار السياسي لحل الأزمة والخطوة الأخيرة المهمة التي توافقت عليها مختلف الأطراف والمتمثلة بتشكيل اللجنة الدستورية،للسير قدما في انجاز التسوية السياسية في سورية،وصولا لتحقيق الاستقرار الدائم.بموازاة ذلك يحذر الملك من الفراغ الناشئ في بعض المناطق السورية والعراقية،واستغلاله من قبل تنظيم داعش الإرهابي لإعادة تنظيم صفوفه،مع شعور عال بالثقة بقدرة الأردن على مواجهة الاحتمالات كافة كما حصل عندما قاتل في السابق الإرهابيين على جبهتين في نفس الوقت ونجح في حماية حدوده
اللقاءات الجانبية مع قادة الدول هي المساحة التي يخصصها الملك عادة لبحث القضايا الثنائية ومتابعة المصالح الأردنية، والتذكير بحق الأردن على المجتمع الدولي بدعمه جراء ماتحمل من تبعات اقتصادية ثقيلة للجوء السوري وغيره من تداعيات أزمات المنطقة.(الغد)