انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

الرواشدة يكتب: قروض لكافلة الطبقة الوسطى

مدار الساعة,مقالات,المستشفيات الخاصة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/23 الساعة 12:16
حجم الخط

قد يجبرك ضيق الحال على أخذ قرض من البنوك، لتسديد ثمن شقة أو سيارة أو لدفع تكاليف دراسة الأولاد، يعتبر هذا الاقتراض استثمارًا وضرورة، لكن تخيل لو أنك كرب أسرة أخذت قرضًا وبددته على استثمار فاشل أو على رفاهية لا عائد منها، ثم ثقلت عليك أقساط السداد وكبرت أسرتك ومصروفاتها مع مرور الزمن، فعدت إلى البنك مرة أخرى لتقدم على قرض جديد يساعدك في سداد ما تراكم عليك من أقساط القرض الأول وعلى ما أضيف عليك من التزامات الحياة، ولم تحسن تدبير شؤون بيتك ومصروفاتك فتعثرت في سداد الأقساط المستحقة وارتفعت مديونتك وعجز موازنتك، فعدت الى البنك للمرة الثالثة لتجدول الديون وتحصل على قرض ثالث حتى تدفع متراكم دفعات القرض الأول والثاني.

الان أنت امام ثلاث دفعات شهرية لسداد قروضك إضافة لمصروفات أسرتك الشهرية المتزايدة، هذا حمل ثقيل جدًا عليك، ستفكر وقتها "بشد" الاحزمة وتقليل مصروف الأطفال، قد تلغي فكرة المدارس الخاصة، ولباس العيد الجديد وحتى مراجعة المستشفيات الخاصة عند المرض، وستقلل استهلاك اللحوم والدجاج، وستراقب مصروفات الماء والكهرباء وعداد "البنزين" في سيارتك، ستنسحب مرغمًا من دور الابوة (في تقديم أفضل رعاية وخدمات ) لأفراد أسرتك، لأن ضيق الحال أجبرك على هذا وستدفع الاسرة كلها معك -ولو بطريقة غير مباشرة- فاتورة قروضك وخططك الاقتصادية التي لم تحسن استعمالها أو تنفيذها.

هذا ما حصل معنا في الأردن تمامًا، فنحن ندفع اليوم ثمن السياسيات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة علينا في العشرين عامًا الماضية، وعودتها في كل مرة للاقتراض لسداد فوائد الديون القديمة – التي لم تحسن استثمارها- أو التي انفقتها على الرواتب والمصروفات الجارية مع تراجع ما تنفقه على الاستثمار الذي يقلل البطالة ويحرك السوق.

ولما تقرر الحكومة شد الاحزمة، تفرض ضرائب ورسوم ثابتة لا تميز بين الغني ،الفقير (كضريبة المبيعات)، تنسحب من دعم المحروقات والخبز والكهرباء وغيرها، ولضيق الحال فالحكومة لا تستطيع رفع جودة خدماتها في القطاعات العامة، كالتعليم والصحة والنقل، مما يزيد أعباءً جديدة تتمثل في تكاليف الحصول على جودة أفضل لهذه الخدمات من القطاع الخاص، كل هذا يفتت الطبقة الوسطى ويزيد الطبقة الفقيرة فقرًا، وكأن الحكومة تأخذ القروض بكفالة الطبقة الوسطى ،لما ترتفع المديونية وتتعثر في السداد تتجه البنوك الى الكفيل لتحصيل مستحقاتها منه.

ما يجري من تآكل للطبقة الوسطى واتساع لدائرة الفقر والعوز، وتراجع في الأداء الاقتصادي وانسداد للفضاء السياسي هو نتيجة ما سبق لزامًا، فالمواطن يدفع فاتورة أخطاء الحكومات الاقتصادية ويشعر بانسحاب الحكومات من أداء التزاماتها في توفير حياة كريمة للأردنيين، وما يحصل مع المعلمين اليوم هو خير مثال على هذا فالزيادة التي تطالب بها نقابتهم هي بكل بساطة تعويض عن "حصة" المعلمين فيما يدفعه الأردنيون من فاتورة القروض وارتفاع المديونيات والعجز وانخفاض جودة الخدمات والسياسات الاقتصادية الفاشلة.

مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/23 الساعة 12:16