لا أحد فِي الأرْدُنّ بِمَا فِيهم الحُكومَة أوْ المسؤولون ينكرون ذلِكَ فِي الأرْدُنّ، وَكَمَا تَحَدَّثَنَا سابقًا فَهُنَاكَ إشكالية عَالَمِيَّة تصل إلى مَرَاحِل حرجة جِدًّا فِي المجال الاقتصادي، سببها الاحتكار الَّذِي وَصَلَ إلى مَرَاحِل حرجة، وسيطرة الشَّرِكَات العابرة للقارات، وتركز الثروة فِي أيدي عدد قَليل من النَّاس والمنظمات، والفساد المنتشر فِي العالم الثالِث، وبدأت عدواه تصل إلى العالم الأول، إضافة إلى سوء الإدارة الحكومية فِي أكثر من دَوْلَة، وسيادة مفهوم الامتيازات الموجهة إلى أشخاص وفئات دونَ آخرين.
ما يهمنا من الـمَوْضُوع كُلهُ هُوَ بَلَدنَا، وَكَيْفَ يُمْكِنُنَا الخُرُوج من هَذِهِ الأزمة بعْد أن وَصَلَ غالبية النَّاس إلى قناعة أنه لا حل، وأن قِمَّة طموحاتنا فِي هَذِهِ الـمَرْحَلَة هِيَ ألا نتراجع بِسُرْعَة، فالوضع أصعب مِمَّا نتصور.
فِي البِدايَة لا يُمْكِنُ أن نفقد الأمل، والشعوب الَّتِي تفقد الأمل تخسر الْمَعْرَكَة، وَنَحْنُ لسنا فِي وأرد أن نخسرها أبدًا - بإذنِ اللهِ-، فَقَد علمتنا التَّجارِب أننا مررنا بظروف أصعب، وحال أكثر سوءا، وَمَع ذلِكَ تجاوزنا الصعاب، وَالخُرُوج من الأزمة ليْسَ خَيَارًا، بَلْ هُوَ طوق النَّجَاة لَنَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ.
هُنَاكَ بَعْض المؤشرات الجيدة الَّتِي تُعْطينا الأمل بِالخُروجِ من هَذِهِ الأزمة، مثل النشاط الملموس فِي مُكافَحَة بَعْض قضايا الفساد، وترشيد الاستهلاك، وَتَوَجَّهَ الحُكومَة نَحْوَ تسعير بَعْض الـمَوَادّ بِطَرِيقَة عادلة، ومحاربة الواسطة والمحسوبية – مثاله ما يَحْصل من تَحْوِيل مَلَفات تعيين مفترض بالواسطة فِي بَعْض البلديات- وغيرها من المؤشرات.
هَذِهِ المؤشرات جَمِيلَة، وَتُعْطينا الأمل، وَلَكِنَّنَا نعتقد أنها لَيْسَتْ كافية، فنَحْنُ بحاجة إلى مُراجَعَة شاملة بمفهوم الإدارة الحكومية، وبالتسريع فِي تشريعات وأنظمة تجعل هُنَاكَ تقييما حقيقيًا للموظف الحكومي تَقُوم بِهِ لجان مُحايدة وَبَعَيدًا عَن الدوائر نَفْسه – وهَذَا ليْسَ تشكيكا بأحد- وَلكِنَّهُ جزء من سياسات إيجابية تساهم برفع سوية التقييم، وَكَذلِكَ لا بُدَّ من وضع أهداف مؤقتة – ضمن تواقيت مُحَدَّدَة – لكل مؤسسة حكومية، وأن يَتِمّ محاسبة المسؤولين عَلَيْهَا بِشَفَافِيَّة، وبِشَكْل معلن حَتْى نعرف من هُوَ المسؤول الَّذِي يملأ مَكانِهِ، ومِن جاء من خِلال الواسطة، إضافة إلى ضَرُوْرَة كبح جماح الديون بأيِّ شكل من الأشكال، وتسهيل بيئة العَمَل، والحفاظ عَلَى الصناعة الأردنية، والاستماتة فِي ابقاء الشَّرِكَات، والمؤسسات القائمة عَلَى قيد الْحَياة حَتْى نخرج من هَذِهِ الأزمة.
رَغْم كل شَيء ما زِال هُنَاكَ أمل، وسيبقى مشتعلا فبلدنا تستحق الأفضل دائمًا.