تقتضي منا الأمانة والحقيقة أن ننظر إلى الموضوع نظرة محايدة في الممارسات الواقعية، والطموح الذي يجب أن نصل إليه في إيجاد وإقرار معايير اعتماد في الأردن، توازي وتضاهي معايير الاعتماد العالمية.
هذه النظرة لا تكون مجتزأة، وإنما عملية متكاملة، تتكون من عديد العناصر، والمحاور، نورد أبرزها في هذه المقالة، دون أدنى شك أن هناك أخوة ضليعين في عمل الاعتماد.
وربما تكون لهم نظرة أعمق، أو يلتفتون إلى بعض النقاط التي قد تكون مقالتي أغفلتها، ومن أبرز هذه المحاور:
1. أن هيئات الاعتماد في الولايات المتحدة هي هيئات مستقلة، وليست تابعة للدولة، وإنما تحكمها معايير عالمية.
2. يُعدُ الاعتماد الأكاديمي للجامعات، والبرامج الأكاديمية في أميركا، اعتماداً اختيارياً، وليس مفروضاً على الجامعات، وهو أمر معروف لدى كل الجهات الناظمة للتعليم العالي في العالم.
3. لا تقدم الدولة أي دعم مادي للطلبة (بعثات) الا إذا التحقوا بجامعات معتمدة من احدى هيئات الاعتماد المستقلة.
4. هناك هيئات اعتماد أحياناً للتخصصات الهندسية، أو في إدارة الأعمال، أو التخصصات الطبية، وقد تكون الجامعة معتمدة في تخصصات وغير معتمدة في تخصصات أخرى.
5. بدأت كثير من الجامعات العالمية تلجأ إلى الحصول على اعتمادات دولية للجامعة، وللبرامج العلمية فيها، مما يعطيها مصداقية، وعالمية، وليس فقط ثقة محلية.
6. إن تصنيف الجامعات عالمياً تقوم به بعض الشركات الربحية، وبالتالي يتحكم فيها قانون السوق، ولذلك نرى أن بعض الجامعات الخليجية صعدت بسرعة الصاروخ إلى أعلى قمة الهرم في سلم التصنيفات.
7. أغلب جامعات الوطن العربي هي جامعات تدريس فقط، وليست جامعات بحث علمي كالجامعات الغربية، ولذلك فإن أي مقارنة بينهما ستكون مجحفة.
8. لقد فقد عضو هيئة التدريس في معظم الجامعات العربية مكانته الاجتماعية، لضعف ما يدفع له من مخصصات مالية (راتب)، وخاصة عندنا في الأردن بعضهم يتقاضى (700) دينار فقط، علماً أن راتب معلم دهان السيارات المحترف (المؤهل) في المنطقة الصناعية يزيد عن ذلك.
9. أن عملية اختيار رؤساء الجامعات الخاصة في الأردن، لا تقوم على أساس الخبرة، وإنما على مدى علاقة الرئيس القادم مع مالك الجامعة، إضافة إلى بعض الضغوطات الأخرى، والتاريخ يعرف أن بعضهم يوقع على الاستقالة قبل التوقيع على العقد.
10. لا تخفى على أحد أن سيطرة ملاك الجامعات الخاصة على قرار رئيس الجامعة (Money talks)، سيطرة واضحة تماماً، حتى لو كان المالك غير مؤهل علمياً، وهو فقط مليء مالياً.
11. تتم حالياً عملية تقييم الجامعات في الأردن والذي تقوم به هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي الأردنية وضمان جودتها، من خلال لجان تشكلها الهيئة، من أساتذة متخصصين.
12. سيكون حتماً من يقوم بعملية تقييم التخصصات في الجامعات، زميلاً، أو صديق جاء من جامعة أخرى، من التخصص نفسه.
13. يساور الشك بعض الجامعات أن التقييم غير نزيه، ولا عملي - مع أن هيئة الاعتماد تتحرى الدقة قدر الإمكان - في عملية التقييم ، إما لكونه صديق، أو لكونه منافساً للتخصص.
14. إذا أردنا النزاهة نستطيع أن نكاشف أنفسنا مباشرة، من خلال إحصائية أعداد الطلبة في الجامعات وفي جميع التخصصات، ومعرفة التجاوزات في أعداد الطلبة والنقص الحاصل في أعضاء هيئة التدريس المؤهلين، فليقم بهذه العملية رؤساء الجامعات الرسمية والخاصة أنفسهم، ولأنفسهم قبل أن ينظروا علينا بالجودة، ومعايير الاعتماد.
15. يجب مراعاة نسب عضو هيئة تدريس إلى الطلبة، وعدم تجاوزها لأي شخص أو سبب كان؛ والنسب المسموح بها عالمياً، وأردنياً هي: (1-20) طلبة الدراسات العليا.
(1-25) طلبة كليات الدراسات العلمية، (1-35) طلبة كليات الدراسات الإنسانية، أن لا تزيد نسبة من يباشرون التدريس من حملة الماجستير عن (5%) فقط. إذا عرفنا نسب أعضاء هيئة التدريس الموجودة حالياً في بعض الجامعات الرسمية ستحل بنا صاعقة، وسنجد نسباً صادمة، فاضحة، ماحقة لكل القيم التربوية التي نسعى إليها، وخاصة في الجامعات الرسمية، حيث تتجاوز الأعداد في بعض كلياتها حتى نسب الكتاتيب في قرانا النائية، أواسط القرن العشرين، حيث كان يجتمع للشيخ كل أبناء القرية على نظام العينة المتاحة.
16. إذا أردنا أن يكون فريق التقييم حيادياُ، ويتمتع بمصداقية أكبر؛ يجب أن يكون الفريق من خارج الأردن.
17. كل الجامعات الخاصة قبل الرسمية، التي تحرص على تطبيق معايير الاعتماد، وعلى ضمان جودة التعليم فيها؛ وعلى نوعية خريجيها؛ كلها كفيلة بأن تدفع تكاليف هذه اللجان وإقامتها خلال فترة التقييم.
*أستاذ مشارك في الصحافة والتحرير الإلكتروني