أمس شاهدت صورة لتخرج (زهوة ياسر عرفات) من الجامعة، لقد كبرت جدا، وأصبحت مثل زيت القدس.. حين يسكب في السراج، نوره مختلف عن نور المدن الأخرى.. لدرجة أنك تشتهي مسك النار أو احتضانها بكفك.
أمضى والدها العمر في المنافي، وكلما غادر أحد المرافئ، وسئل إلى أين تذهب؟ قال: لفلسطين.. وغادر الحياة، كان ترابها مستقرا لعظامه، لم يخلع الكوفية، ولم يغادره الشيب منذ أن كان فتيا واختار نهاية مشرفة، وهي الحصار.. والحصار على ترابك الوطني، على أرض فلسطين.. هو أسمى وأعلى مراتب الحرية.
أنا أعرف أن مصافحة الناس لكفك، مختلفة يا زهوة.. وأعرف أن بعضهم، تكتحل عيونه بالدمع حين يشاهدك، أعرف أن البعض.. ممن عاصروا الثورة، والرصاص.. وبيروت التي احتضنت درويش وكل البنادق.. اعرف أنهم يشتهون أن يسرقوا خصلة من شعرك، كي يشموا فيها رائحة ياسر عرفات وجينات ياسر عرفات، ما أعرفه أيضا.. أنهم يودون طبع قبلة على الجبهة الغراء، ولكنك كبرت يا بنت صرت صبية.. وفلسطين خجولة في الحب، وجريئة في الشهادة والنار.
أبارك للشهيد القائد ياسر عرفات تخرج ابنته (زهوة) من الجامعة، وأقول له: إن هناك جامعة أخرى اسمها الثورة ما زالت هي الأخرى تخرج الشهداء.. وبأعمار مختلفة، ولا تقبل طلابها على قاعدة التحصيل العلمي، بل على قاعدة القلب الفلسطيني.. والعشق الفلسطيني، والزمن حين يكون فلسطينيا.
إذا قدر لي يا بنت أن أشاهدك، فسأشم الكف، التي فيها رائحة ياسر عرفات وجينات ياسر عرفات.. وصوته، وغضبه.. وفيها فلسطين، التي تنهض كل صباح.. وتخبز الحب في تنور الثورة والحياة.