أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة الموقف شكوى مستثمر شهادة مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

زايد حماد يكتب: الأيتام بين الإهانة والتنمية المستدامة

مدار الساعة,مقالات,المملكة العربية السعودية,التنمية المستدامة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

بقلم: زايد حماد غيث

بدعوة كريمة من احد المطاعم في عمان الغريبة اتجهت انا واسرتي لتناول طعام الإفطار عند دخولي لبوابة المطعم عادت الحياة بي الى خمسة عشر عاماً مضت حيث كان صاحب المطعم يتبرع بافطار الأيتام وكنا نقوم بعد تفطير الأيتام باصطحابهم الى مركز ترفيهي يأخذون قسطاً من المتعة ويستمتعون بالألعاب الالكترونية وبعد ذلك يتم ايصالهم في الباصات الى منازلهم واثناء الطريق يتم تسليم كل طفل مبلغاً نقدياً ويصل الطفل اليتم الى منزله وتنتهى الرحلة.

بالامس فقط شعرت بمرارة وحزن وألم شديد في نفسي وانا اشاهد تقريباً نفس المشهد الذي كنت اقول به سابقاً مع بعض الاختلافات حيث ان بعض الجهات احضرت مجموعة من الأيتام واجلستهم لتناول وجبة الافطار واخذت بالتقاط الصور لهم، الشعور بالألم في نفسي كان نابعاً من سوء أدبنا وتعاملنا واحساننا لليتيم بهذه الطريقة وفي مشهد تصويري لمأدبة الافطار للأيتام في المطعم حيث يتم اجلاسهم مع بعضهم البعض وعزلهم عن باقي زبائن المطعم مشرف يحاول ان يعلمهم الأدب في هذا المكان الراقي وعدم ازعاج الاخرين يجلس الطفل اليتيم وهو ينظر الى الأسر التي تدخل مع اولادها بنظرات يغلب عليها الفقدان والحرمات اغلب المارين في جانب الأطفال الأيتام ينظرون اليهم وكأنهم يشاهدون عرضاً لدراما اجتماعية فيه الكثير من المأساة لأطفال محتاجين من يشاهد هذا العرض يغلب على نظراته الشفقة عليهم والتعاطف معهم فهل هذا ما يحتاجه اليتيم!!

للأسف الشديد ومن خلال خبرتي الطويلة في مشروع كفالات الأيتام وجدت ان هناك الكثير من المفاهيم والاخطاء والمعتقدات والسوكيات والأفعال يجب ان يتم تغيرها والنظر اليها بطريقه تربويه نفسية اجتماعية انسانية وليس بطريقه مادية نقديه في تعاملنا مع اليتيم وكأنه سلعه يتم عرضها والتباهي في تقديم المساعدات لها ونحن للأسف بعيدين في مجتمعاتنا عن مفهوم الكفالات التي ذكرها الله عزوجل في القران فالله عزوجل قال (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ ) اي ان زكريا عليه السلام كان يكفل مريم عنده في البيت كفاله كامله وحتى النبي عليه الصلاة والسلام قال الله عزوجل في كتابه العزيز ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى) فكفله جده عبد المطلب، ثم لما مات جده كفله الله عمه أبا طالب فكانت كفالة كاملة ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال من كفل يتيم او يتيمه عنده كنت انا وهو كهاتين في الجنه ذكَر القرآن الكريم لفظ اليُتْمِ في ثلاثةٍ وعشرين مَوضِعًا ولقد استنتَج محمد الأمين الشنقيطي أنَّ هذه الآيات دارَتْ حول دفْع المضارِّ عن اليتيم في ماله وفي نفسه، وجلب المصالح له في ماله وفي نفسه

متى ستخرج من مفهوم الكفاله الشهريه التي لا تتجاوز في اغلب الجمعيات واللجان الى 30 دينار , ومتى ستخرج من هذا الكفالة التي بكل المقايس لا تكفي حاجيات اليتيم الاساسية الى كفاله تعز وتصون وتبني وتنمي اليتيم، متى ستدرك الجمعيات والمتبرعين بان مبلغ 30 ديناراً هو جزء من الكفالة وليس كفالة كاملة, متى سنخرج الطفل اليتيم من حالة اليتم التي هو فيها الى الطريق الصحيح في التعليم والتربيه والتنمية, متى سننفض الغبار عن افكار جمعياتنا ومجتمعاتنا الى احداث نقلة نوعية وافكار ابداعية في كفالة اليتيم وليس الاسلوب التقليدي الكلاسيكي في الكفالة.

في مشروعين قمنا بتنفيذهما الاول مع بعض الجهات المانحة في دولة قطر كانت الكفاله تكفي الاسرة وكان شرط الكفالة حتى لو كان اليتيم شخصاً واحداً ان لا تقل عن مبلغ 300 دولار وتكون هناك متابعة دورية للطفل اليتيم من قبل الكفيل وهو في بيته عن طريق برنامج للأيتام على النت يستطيع المتبرع ان يدخل ويتابع كل ما يحتاجه اليتيم؛ يتابع الناحية الصحية والتعليمية والسلوكية والاخلاقية والتربوية وذلك من خلال تقارير يتم رفعها على الموقع واتصالات مستمرة بين الكفيل واليتيم بعض هذه المشاريع التي تم تنفيذها من سنوات طويلة الآن بعض هؤلاء الاطفال الأيتام تم تدريسهم الى اعلى المستويات الدراسية وحصلوا على الشهادة الجامعية العليا فمنهم المهندس ومنهم الطبيب ومنهم الصيدلي ومنهم المحاسب ومنهم القاضي.. الخ والمشروع الثاني قمنا بتنفذه مع بعض المتبرعين من المملكة العربية السعودية وبعض المتبرعين من دولة قطر وكل مشروع على حدة وهو كفالة كاملة بحيث يتم استئجار عمارة كاملة لهم ويتم التكفل في دفع الايجار والكهرباء والمياه والطعام والشراب ومشرفين ومربين ومختبرات تعليمية لتقوية الطلبة في المواد الدراسية العلمية والادبية وبعضهم في مدارس حكومية وبعضهم في مدارس خاصة ومواصلات مؤمنة الى مدارسهم ورعايه طبية كاملة ومصروف شهري لشراء بعض الاحتياجيات الخاصة وتعليم الأم مهنة حتى اذا حدث واوقفت الكفالة تستطيع الأم العمل والانفاق على اسرتها مع زيارات دورية للكافلين لهم لإشعارهم بدفء العلاقة وتعويضهم على شيء ولو القليل من العلاقات الأسرية والعائلية حتى ان بعض المشاريع التنموية التي كنا نقوم بها كنا نركز على الأم التي تربي ايتاماً حتى نكفيها مؤنة السؤال ويكون لديها اكتفاء ذاتي فكنا ندرب ونعلم الأم وبعد ذلك تستلم المستلزمات الكاملة للمهنة التي تعلمتها.

وفي تجربة تم الحديث عنها في كندا حيث تم ادماج دار ايتام مع دار مسنيين كانت النتائج مبهرة مثل هذه الافكار الابداعية هي ما نحتاج اليها في مجتمعاتنا لان هؤلاء الأيتام امانة في اعناقنا يجب علينا ان نضعهم في الطريق الصحيح ونصنع منهم قادة قادرين على ترك بصمة واضحة لهم في الحياة.

وحتى نصنع من اخواننا الأيتام قادة للمجتمع اود ان اذكركم ببعض الأيتام وفي مقدمتهم الانبياء اولو العزم من الرسل محمد صلى الله عليه وسلم كان يتيم وموسى عليه السلام كان يتيماً وعيسى عليه السلام تلك المعجزة الربانية الخالدة اي ان ثلاثة من الانبياء الخمسة اولي العزم كانوا ايتاماً وابو هريرة والامام الشافعي والامام احمد والامام مالك وابن الجوزي والاوزاعي والبخاري وابوحامد الغزالي وابن حجر العسقلاني وطارق بن زياد وعبدالرحمن الداخل وابو الطيب المتنبي كانوا ايتاماً ونيوتين جورج واشنطن ستفين جويس كانوا ايتاماً.

حتى نسير بالاتجاه الصحيح والسليم الكفالة يجب ان تكون كفالة تامة من الصغر حتى انهاء المرحلة الجامعية لتكون تجارة رابحة مع الله في الدنيا والآخرة.

مدار الساعة ـ