بقلم: زايد حماد غيث
كثر اللغط في الأيام القليلة الماضية حول مقطع توثيق لإحدى المؤسسات الخيرية تقوم بتقديم المساعدات العينية للأسر الفقيرة المحتاجة في إحدى الدول العربية.
هذا اللغط كان باتجاهين الأول على كيفية التوزيع من تلك المؤسسة التي قامت بالتصوير والثاني من الأشخاص الذي انبروا للرد على هذه المؤسسة وللأسف أغلب الردود كانت سلبية يغلب عليها طابع الشتم والسب والدخول بالنوايا سواء للمؤسسة او المتبرع وكنت اتمنى ان يتم الرد باسلوب علمي عملي حضاري يوضح ابجديات واصول التصوير في العمل الانساني.
لا شك أن العاملين في المجال الإنساني يدركون بأن الجهات الداعمة والمانحين سواء كانوا مؤسسات أو أفراداً لهم متطلبات من شركائهم المنفذين بتوثيق عمليات التوزيع وتسليم المساعدات إما من خلال صور فوتوغرافية أو مقاطع فيديو وهذا التوثيق ينقسم إلى قسمين الأول: للتوثيق الداخلي ويكون داخل ملفات وملحقات المشاريع وهو ليس للنشر والقسم الثاني: يكون من أجل النشر في موقع المؤسسات أو الافراد أو من أجل نشر خبر في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية وحتى الكتب السنوية.
الخلل في التوثيق هنا ينقسم الى قسمين الاول أن بعض الجهات المانحة تطلب صوراً مباشرة للأشخاص المستفيدين وتشترط ذلك في عقدها مع الجهات المنفذة ويكمن جوهر هذه المشكلة في أن الكثير من الأشخاص الهاربين من ويلات الحرب يخشون الظهور في الصور حتى لو كانت للتوثيق الداخلي هذا الخوف نابع من معرفة الناس بحاجتهم وكذلك لدواعي قد تكون أمنية وتزداد صعوبة التوثيق عندما تكون في الصراعات والحروب والنوازل فعلى سبيل المثال يصر بعض المانحين على توثيق التوزيع في أماكن يكون الطابع فيها أمنياً والتصوير ممنوعاً أو يكون تسليم المساعدات في الشريط الحدودي وهذا المانع يتبع الجانب الأمني أيضا أو يكون تسليم المساعدات لأشخاص قد تتعرض حياتهم للخطر نتيجة التصوير وتزداد خطورة التصوير عندما تكون فيديوهات يتحدث فيها المستفيد عن المساعدة ويشكر المتبرع وهنا أيضا يدخل في حسابات الموالاة والمعارضة ويمكن لتصريح عادي أن يجير إلى سياسي أو عدائي مع أن أغلب الذين يخرجون في المقابلات لا يوجد لهم أي حس إعلامي في كيفيه الحديث لوسائل الإعلام وللإعلاميين ناهيك عن أن بعض الجهات تأتي وتتبرع ويكون الهدف من ذلك بعض التصريحات التي هي بالأصل تعمل للحصول عليها من أجل استغلالها في سياق معين يخدم قضية أخرى غير التي يظن المتحدث المستلم للمساعدات الهدف منها ولكن لا يمكن لأحد أن يتجاهل بأن بعض هذه المتطلبات الخاصة بالتصوير هي بالأصل مفروضة على المؤسسات المانحة من جهات سيادية تلزمها بهذا التوثيق، مشكلة التصوير سواء كان فوتوغرافي أو فيديو برأيي بحاجة إلى سياسة واضحة تنأى بالمستفيدين عن أي أهداف مبطنة وأن يكون العمل فيها من جانب إنساني فقط.
حتى يكون للمقال فائدة عملية فإنني أضع بين أيديكم خلاصة أكثر من دورة ودليل من مؤسسات إنسانية يخص جانب التصوير وبإيجاز حتى يتم المحافظة على كرامة وإنسانية المستفيدين حيث تنقسم المساعدات الإنسانية إلى قسمين: القسم الاول للأفراد مثل الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل وعابر السبيل والغارمين... الخ حيث يتم التعامل معهم بطريقتين الطريقة الأولى وهى الاسهل أن يتم ارسال صور من العمليات المحاسبية المؤسسية والبيانات الشخصية دون ارسال صور شخصية للمستفيدين والطريقة الثانية أن يتم تجنب اظهار ملامح الوجه بشكل مباشر والابتعاد عن تصوير المستفيدين في أي وضعية لا تراعي إنسانيتهم وأن يكون التركيز في عملية التصوير على الخدمة المقدمة لهم مثل الطرد الغذائي أو الصحي أو المبالغ النقدية,,, الخ يضاف إلى ذلك أن تكون الصورة بموافقتهم دون إكراه.
القسم الثاني من المساعدات هي المشاريع الإنشائية من بناء مسجد أو دار لتحفيظ القرآن والمدارس والجامعات والمستشفيات وحفر الآبار والمخيمات... الخ وفي هذه الحالة يكون التصوير لتلك المشاريع بشكل كامل ولجميع مراحل المشروع بتقارير دورية فهذه المشاريع لا تمس بشكل مباشر المستفيدين إنما تظهر المشاريع التي سيستفيدون منها ومراحل انجازها.
حماية هوية المستفيدين واخفائها (صدقة السر) هي من أعظم الصدقات التي أمرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال "إن صدقة السر تطفئ غضب الرب" والله عز وجل يقول (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) اسأل الله عز وجل أن نرفع منارة الخير والكرامة والانسانية لجميع المحتاجين على وجه الكرة الارضية.