ثلاثُ علاماتٍ كان يعتبرها العلماء إنذارًا للعبد، فإذا وجد واحدة منها صار عليه أن ينتبه لنفسه، ويستحضر الآخرة وحسابها، والجنة ونعيمها، والنار وجحيمها، ويبدأ رحلته إلى الله تعالى بأقلّ قدر ممكن من الذنوب والمعاصي والخطايا، لتكون هذه العلامات بداية جديدة لهذا الإنسان في علاقته مع الله تعالى، هذه العلامات هي: الشيب، والدخول في سنّ الأربعين، وحجّ بيت الله الحرام.
أما الشّيب فإحدى علامات التّقدم في العمر، على الرغم من أننا نرى بعض الشباب من هول ما يرون في دنياهم قد اشتعلت رؤوسهم شيبا، لكن الشيب غالبا ما يغزو من تقدمت سنه، بعد أن أكل الدهر عليه وشرب. وهذا الشيب بمثابة النذير للإنسان، وكأنه يقول له: كفاك عصيانا في الخفاء والعلن، كفاك بعدا عن المنهج الذي أراد الله لك أن تسير عليه، كفاك بعدا عن الله تعالى، توجه إليه، و»رقّع مشيبك بكثرة الاستغفار»، فقد اقترب وقت اللقاء، وآن لك أن تسجد وتقترب.
وكذلك الدخول في الأربعين، وكأن هذه السنون تنادي العبد: أربعين عاما وأنت بعيد عن الله أما آن لك أن تتوجه إليه، أربعين عاما وأنت تعصي الله، أما آن لك أن تدخل إلى جنة طاعته، أربعين عاما والله تعالى يمهلك ويمدك بالمال والبنين والصحة، وأنت تسخّر كل ذلك في معصيته، والتمرد على أمره، أما تستحي أما تخجل من نفسك، قد بلغت الأربعين فما تنتظر؟
أما الحج، فهو حكاية أخرى، فبعد الحج يرجع الإنسان كيوم ولدته أمه، نظيفا من الذنوب والمعاصي، وكأنه يفتح صفحة جديدة مع الله، صفحة بيضاء لا سواد فيها، صفحة تهيئه للقرب من الله تعالى، وللدخول على حضرة القرب من المولى عز وجلّ. فما أقبح أن يسوّد العبد صفحته بعد أن رجعت بيضاء! فهذا النّسُك يناديه: قد غفر الله لك، ورجعت قريبا من حضرته، فحذارِ أن تلوّث نفسك بالذنوب والمعاصي والمخالفات، كن أهلا لهذه النعمة والمنة، ولا تنقض عهدك مع خالقك.
الدستور