آه.. يا وطني

في بلادنا ثقافة الغربة والاغتراب لم نتعلمها في المدارس ولا في الجامعات، ولكنها اصبحت نزعة من الحياة خلقتها الهموم والالام واضنتها الايام والسنون في فقر وجوع لايرحمان, وضيق الحال وشح في العطاء واستجداء من القريب والبعيد فلا معين ولامجيب ولا صاحب الدار، فالتفت حول اعناقنا صاغرين مهانين ويائسين، فماذا يفعلون يهجرون الوطن والاهل ام يبقون، فالفقر في الوطن غربة الا يدركون.

وان رفضوا الهجران وعلى الجوع كم يصبرون تناديهم زغب القطا هل من جرعة حليب يستسقون .. وهل من لعبة رثة بها يلتهون .. فليس امامهم سوى عيش المهزوم ان يرفضون .. وفي رحاب الارض يسعون
لعل شغف العيش والم الايام بسرور ياتيهم وينسون.

هذا حال من في وطنهم اغراب يعيشون مثل تماثيل الثلج تحت الشمس يذوبون .. يسعون صباحا ومساء على عمل او دخل يعينهم على شغف الحياة فلا يلوون.. ولا امل لهم من باب رزق يعتاشون ولا عطفا من قريب او بعيد على مكلوم يرجون.

حتى جاء اليوم الذي فيه يتمردون ليغادروا الوطن المكلوم مع قدره وعظمته وغياب عطائه حاملين حبه وحنانه وجراحه في الصدور ولكن ماذا يفعلون اينتحرون, خرجوا الى بلاد الله الواسعة وسلاحهم العلم والمعرفة وبجعبتهم الاف الاماني والاحلام ان يعيشوا هم واولادهم في امان افتقدوه في الاوطان, لا ادري ان هي سنة الكون ام ظرف الزمان فالطيور تهجر اعشاشها والبدوي دائم الترحال ولا يستقرفي مكان , والسحب في السماء مسيرة الاتجاه , وبذور الزرع تنثرها الرياح فينموا في غير بساتين, وحتى الانبياء هاجروا من ظلم ابناء الاوطان , فلا تلوموا غارقاً في اليم يلوذ بقشة ليرسوا على بر الامان.

وانا كاره لقول الشاعر (الا وطن يباع فاشتريه) فلن ابيع وطني بملايين الاثمان , ولكن حرصي على الولد والاحفاد ان ينسوا مذاق وعشق الاوطان وهم مغتربون.