م. زهير العمري *
نشر موقع الكتروني "تحليلاً" موجزاً عن الازمة العقارية التي تشهدها المملكة، مبشراً بإنهيار وشيك في السوق العقاري مستشهداً بأرقام وبيانات غير موثقة عن تصفية مئات من شركات الإسكان وهجرات عائلية إلى مصر وتركيا (ما علاقة العائلات بالموضوع ...؟؟؟!!)، وسرعان ما أعادت الكثير من المواقع الإلكترونية نشر "التحليل" وكأنه سبق صحفي جاء بما لم يأت به الآخرون، بالرغم من سطحية الطرح وإفتقاره إلى أية قيمة مضافة عن العشرات إن لم يكن المئات من المقالات والتقارير التي تناولت الموضوع مؤخرا.
لا احد ينكر الأزمة التي يعاني منها القطاع العقاري والتي بدأت بالتفاقم بدءا من عام 2015 وما زالت مستمرة حتى الآن، والتي تصيب تداعياتها السلبية قطاعات أخرى متعددة، بيد أن الموضوعية تقتضي الإشارة إلى أن هذا التراجع هو جزء من التراجع العام الذي يصيب مختلف قطاعات الاقتصاد الأردني لأسباب معظمها خارجي يتعلق بالأزمات التي تشهدها المنطقة وخاصة دول الجوار التي كانت تشكل أسواقاً رائجة لمنتجات الأردن الصناعية والزراعية والخدمية، إضافة إلى ان التراجع الإقتصادي الحالي أصبح ظاهرة عامة ضربت كل إقتصادات المنطقة بما في ذلك دول الخليج.
لسنا هنا في معرض الدفاع عن الحكومة وسياساتها المختلفة، ولكن التحليل الموضوعي المنصف يتطلب الإشادة بالمقاربات الإيجابية التي إنتهجتها الحكومة في تعاملها مع القطاع الخاص بشكل عام ومع الجهات المعنية بالقطاع العقاري على وجه التحديد والتي تجلت بشكل واضح في تدخل الحكومة بشكل جلي وواضح في الحوارات التي جرت مؤخرا بخصوص أنظمة الأبنية والتنظيم والتي أسفرت عن التوصل إلى تفاهمات مع أمانة عمان الكبرى ووزارة الشؤون البلدية أدت إلى إجراء تعديلات جوهرية على تلك الأنظمة تمت من خلالها الإستجابة لغالبية مطالب الجهات الفاعلة في هذا القطاع، إضافة إلى ترحيب الحكومة بكافة الأفكار والمقترحات التي قد تؤدي إلى خروج هذا القطاع من الازمة التي يعاني منها، ومثال ذلك مبادرة "الضواحي السكنية متكاملة الخدمات" التي طورتها جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان الاردني.
إن المبالغة والتهويل التي تنتهجها العديد من الجهات التي لا يسرها ان ترى القطاع يتعافى مما يعاني منه حالياً، لا تحل مشكلة بل تساهم في نشر حالة من الإحباط والتشاؤم وتؤثر سلبيا على الجهود التي تبذلها الحكومة حالياً وكافة الجهات المعنية لإعادة تنشيط القطاع.
أرجو ان نمنح الحكومة والجهات المهتمة بإعادة النشاط إلى هذا القطاع بعض الوقت فقد تم إتخاذ عدد من الإجراءات الواعدة والتي نامل أن نرى آثارها الإيجابية في القريب العاجل، لسنا بحاجة لمزيد ممن يلعنون الظلام فهم كثر .... نريد ان نرى من يوقد ولو شمعة واحدة تبدد شيئاً من هذا الظلام الدامس.
* رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان