انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

سلوكيات المجتمع في حضرة وسائل التواصل الاجتماعي

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/08 الساعة 09:47
حجم الخط

هل افقدتنا وسائل التواصل الاجتماعي جزءا من إنسانيتنا؟ هل غيرت من اخلاقنا وسلوكنا الاجتماعي؟ في الماضي كانت أخبار الحوادث والقتل تُربكنا أما الان فقد أصبح نشر تفاصيل وصور الجرائم سبقًا نتنافس عليه وكأن الجريمة أصبحت مجرّد خبر عادي نكسر به روتين الحياة اليومي، قبل أيام علمنا باختفاء الطفلة نيبال من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية.

وبعدها بأيام قليلة فجعنا بخبر مقتلها وبدأ سباق مجنون لنشر تفاصيل الفاجعة دون أي اعتبار للمعايير الأخلاقية الانسانية أو ما يحدث من انتهاك لحرمة الضحية وعائلتها أو حتى مراعاة لمشاعرهم أو وضعهم النفسي، يبدو أن تعرّضنا المستمر لمشاهد العنف والقتل أو صور الضحايا أدى إلى تغيير طريقة تعامل أدمغتنا مع تلقي هكذا أخبار وتداولها إذ أصبح أمراً شائعاً وعادياً.

هل تهّدد وسائل التواصل الاجتماعي وعينا وتؤثر على طريقة نظرتنا للحياة والواقع وتمهد وبشكل لا شعوري لتقبل فكرة إرتكاب أعمال عنف على اعتبار أنه أمر طبيعي ولا يثير في الغالب أي ردود عاطفية نتيجة اعتيادنا على وجوده بشكل مستمر، في الماضي كنا نعيش تفاصيل الحياة اليومية في العالم المادي الملموس أما الأن صرنا نعيشها في زمانين ومكانين مختلفين أحدهما واقعي والاخر افتراضي، كنا نشعر بالوحدة وبوحشة المكان عند خلوه من الناس أما الأن فقد أصبحت الوحدة مرهونة بعدم توافر شبكة انترنت، نُعاني من فِصام اجتماعي دون أن نشعر فإنشغالنا بهذا العالم يجعلنا أكثر وحدة حتى عندما نكون مع الآخرين، تواصلنا اصبح بهدف تعظيم صورتنا الاجتماعية وزيادة عدد الاصدقاء و«اللايكات» لا بهدف بناء علاقات انسانية طبيعية، نتظاهر بأننا سعداء حتى لو لم نكن كذلك ما يجعلنا نضيع بين ذاتنا الحقيقية وتلك المتخيلة، خصوصاً في حضرة فضاء لا ضابط فيه إلا المستخدم وما
تمليه عليه نفسه وأهواؤه.

ألم يحن الأوان لنتعامل مع هذا الموضوع بقدر أكبر من الجدية، وبالأخص لنحمي الجيل الجديد الذي نشأ في أحضان هذا العالم ولم يسعفه الحظ في تجربة الحياة خارج ثقافته، طبعاً لا نتهم التقنية في حد ذاتها فنحن من يستخدمها وليست هي من يستخدمنا، ولكن علينا إعادة ترتيب الأولويات وتقييم مساحة استخدامنا وبما يتناسب مع ما في مصلحتنا، كلنا أفراد وأولياء أمور ومؤسسات معنيون بالرقابة الذاتية أولاً والوعي الكافي في كيفية التعامل والتعاطي معها حتى لو بفرض قواعد وآداب جديدة نلزم أنفسنا للتقيد بها، ولا بد من تكاتف الجهود لنشر الوعي حول الاستخدام الآمن لهذه الوسائل ومن خلال كافة المنابر المتاحة لعل وعسى نحافظ على ما بقي لنا من عادات وسلوكيات سليمة.

الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/08 الساعة 09:47