لحسن الحظ أنني لا أتابع كرة القدم ولا أعرف لاعبيها، محلياً ودولياً، بل واستهجن تهافت الشباب والصبايا المقلدّين على صرعات الأندية العالمية لمشاهدة ومناصرة فرقها، حتى سمعت أن فرق إسبانيا مقسّمة بين الأردنيين، ولكن عندما تكون الروح الرياضية وطنية فإنها تعطي إحساسا بأن هناك إلتفافا ملموسا حول قضية ما، حتى ولو كانت كرة قدم، ولكن يبدو أن من باب كرة القدم دخلت علينا لعنة التقسيم السياسي والتطاول على الثوابت الوطنية والوحدة الوطنية، من نفر لا يمثلون الرأي العام ولا يمثلون أنديتهم، فجمهور أي ناد لا يمثل قيّم ولا أخلاق ولا المشاعر الوطنية للشعب الأردني المتحّد.
ما حصل الأسبوع الماضي من انفجار ملغّم باتهام نادي الوحدات وجماهيره ومخيم الوحدات عموما، ليس سوى "قنبلة موقوتة" تحاول شق الصف الوطني، الذي يجاهد الأوفياء والمخلصون لهذا الوطن وللقضية الفلسطينية والقدس أن يزيدوا من وثاق عُراه وصمود جبهته الداخلية، بل إن تلك الحربة المسمومة تريد تمزيق النسيج الوطني في كل مناسبة يحتاج الوطن لكل مواطن أن يكون أقوى من المؤامرة فيكسر صخرتها.
مخيم الوحدات ليس حافلة ركاب جاءت ذات ليل بهيم، بل أنه قرية لإخوان لنا جاءوا بإرادتنا، تم تهجيرهم من أرضهم في فلسطين حينما كانت المعارك التي قادها الجيش الأردني حاميةً وطيسها بأيدي الرعيل الصادق من الجنود المجاهدين بصدق، وغالبية أهله الأوائل كانوا يحملون الجنسية الأردنية حسب اتفاق أريحا، ومنهم لاجئون جاءوا من أراضي فلسطين قبل الاتفاق، ولهذا كانت الأونروا" مظلة إغاثية تحمل علم الأمم المتحدة، كما في كل مقرّ لها، وإذا رُفعت رايتها على مقر النادي يوما ما وأنزله رئيسٌ أو عضو للنادي ورفع العلم الأردني مكانه، فهذا فعل يفتخر به ويؤكد على وطنية أبنائه للأردن الوطن ولفلسطين القضية التي نعيش تفاصيل التآمر عليها.
لا أدري كيف يتم تقسيم المواطنين على أساس أن هذا موالٍ وهذا خائن، وكأننا تحت حكم استعمار أجنبي، وينسى الكثير منا أن هناك من يقدم خدماته للوطن أكثر بكثير من أصحاب الصوت العالي الذين يحظون بتقاسم الأرغفة في كل مائدة رسمية وينامون في عسل الحكومات ويشربون حليبها، فيما الميدان يشهد لمن يعمل بصمت ويجتهد لصنع واقع أفضل واقتصاد أقوى وقوى تشغيلية لا تنتظر الألقاب والمكاتب، ويجب أن تقطع ألسن من يزرعون الفتنة بيننا، فنحن لسنا قطيع أغنام تعزل ما بين نعاج وخراف، فيما الرعاة يأكلون من لحمنا كل يوم.
ما حدث من تأويل الأحاديث هو فتنة يراد منها ضرب الوطن لخدمة المشروع الصهيوني، وكثير مما يحدث على الساحة الأردنية هو تمويل لتجييش الشارع ضد مشروع الدولة القوية التي نسعى للحفاظ على أركانها، وهذا يتكرر في العديد من المدن الأردنية بالمناسبة، ما بين جهلاء ينساقون خلف خبثاء المصالح الخاصة، وللأسف هنالك من هو غارق في أضغاث أحلامه، ولا يملك أي رأي أو رؤية لمجابهة المشروع الاستعماري الجديد.