بقلم: الدكتور انور العتوم
يقف الاردنيون والفلسطينيون اليوم على مفترق طرق مزدحم ومليء بنوايا مليئة بالحقد والمؤامرات على القضية وعلى الاردن.
واذا كانت القدس قضية، فإن الوصاية على مقدساتها الاسلامية والمسيحية هي قضية القضايا ، لأن مستقبل القدس مرتبط برعاية ووصاية الهاشميين عليها . فالهاشميون هم اكثر الناس اهتماما بالقدس واجدرهم بالوصاية عليها ، كيف لا وقد استشهد المغفور له الملك عبدالله الاول بن الحسين على بابها، دفاعا عنها، واية تضحية اكبر وأعظم من التضحية بالروح والدم من اجل قضية ما ، وكيف لا وقد قدم الاردنيون مئات الشهداء والالاف الجرحى على اسوارها واستبسلوا في الدفاع عنها.
ذهبت ارواح الهاشميين فداء للقدس والمقدسات ، ابتداء من روح الملك عبدالله الاول مرورا بروح الملك طلال بن عبدالله الى روح الملك المغفور له الملك الحسين بن طلال ، وكانت القضية والقدس هي هاجسهم الاول ، ثم جاء جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ليكمل مسيرة الكبار في جو مليئ بالغيوم السوداء ومشحون بالتآمر غير المسبوق على القضية وعلى قضية القضايا .
وللأسف الشديد ، فإن الكثير الكثير من السياسيين والإعلاميين والمثقفين الاردنيين قد لا يدركون قيمة وأهمية ومدى خطورة موقف جلالته الانفرادي الاستثنائي البطولي العظيم ، رغم الاوضاع الصعبة الاستثنائية التي يمر بها الاردن ، ورغم الضغوطات العاتية التي تمارس على جلالته .
يقف جلالة الملك وقفة تاريخية سيسجلها التاريخ له كأحد احفاد الرسول محمد ( صل الله عليه وسلم ) الذي اوقف المد الطغياني الانجيلي التوارتي الامريكي العنجهي اللآمسؤول ، الذي فكك الدول العربية ، وجعل من القطرية عنوانا عريضا بدلا من القومية القوية ، والذي صنع الارهاب وغذاه تغذية صحية ، أملا منه في محو وقتل وإخفاء كل الاصوات المعارضة للتمدد الصهيوني في المنطقة ، الا ان صوت الحق سيبقى يصدح عاليا مقاوما لكافة مشاريع إنهاء القضية وقضية القضايا .
فها هو صوت جلالته يصدح عاليا منفردا من على كافة المنابر المحلية والاقليمية والدولية دفاعا عن القضية وقضية القضايا ، ويلقى هذا الصوت تأييدا من الكثير من القوى العالمية الخيرة المؤثرة في المجتمع الدولي ، دليل ذلك إقناع جلالته ل 128 دولة للتصويت في الجمعية العامة للامم المتحدة في الحادي والعشرين من كانون اول الماضي 2017 ضد قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب القاضي بتغيير الوضع القانوني لمدينة القدس ، واعتباره باطلا ولاغيا .
والاسبوع الماضي ، جاء قرار جلالته الحكيم والرائع بقطع زيارته التي كانت مقررة لجمهورية رومانيا ، بسبب تصريحات رئيسة وزرائها ، التي لمحت فيها الى نية بلادها نقل السفارة الرومانية من تل ابيب الى القدس ، جاء قرار جلالته قويا ورصينا ، وردا واضحا على كل من ينوي الانضمام الى نادي المتبرعين بنقل سفاراتهم من تل ابيب الى القدس . فقد ذكر ( بتشديد الكاف ) جلالته رؤساء الدول بأن هناك علاقات ومصالح ومبادئ وأخلاقيات بين الدول ، عليها احترامها مما حدا بالرئيس الروماني الى رفض تصريحات رئيسة وزرائه ، وبالتالي تغيير الموقف الروماني من هذه القضية .
رسالتي هنا للتأكيد على ان ما يقوم به جلالة الملك اليوم من رفض لما يسمى ب ( صفقة القرن ) ووقوفه ضد كل المخططات الرامية لتصفية القضية ، خاصة على حساب الاردن ، يعتبر تمردا على منظومة التمرد الترامبية الصهيونية المدعومة من بعض الدول العربية .
هذه الوقفة الملكية الهاشمية تحتاج الى وقفة شعبية اردنية مدعومة من وقفة شعبية فلسطينية في الداخل والخارج ، وقفة غير مسبوقة من العشائر الاردنية والفلسطينية في الاردن وفلسطين ، ومن اهالي المخيمات داخل الاردن ، ومن كل الشرفاء على ارض الاردن وفلسطين ، ومن كل العرب الشرفاء والاصدقاء على مستوى العالم .
هذه الوقفة الملكية تستدعي القيام بمهرجانات اردنية ومسيرات على مستوى الحدث في كل المحافظات الاردنية لدعم جلالة الملك في موقفه التاريخي ، وجعل هذه المهرجانات انموذجا يحتذى في الممانعة والرفض لكافة الخطط والمشروعات الرامية لتصفية القضية على حساب الاردن ، او العبث بموضوع الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الشريف .
من هنا، فإنني ادعو الى إقامة مهرجانات ومسيرات في كافة المحافظات الاردنية لدعم موقف جلالته التاريخي الشجاع ، والوقوف خلف قيادته الحكيمة الشجاعة ، وأدعو اهلي في محافظة جرش الى ان تكون المحافظة السباقة الى ترتيب مهرجانات ومسيرات بحجم الحدث، مثلما ادعو الاردنيين المخلصين الشرفاء الى تناسي او تأجيل المناكفات الداخلية ، والحراكات والمعارضات الى وقت آخر ، والارتقاء الى مستوى الحدث ، وهو الحدث الأخطر الذي يمر علينا منذ حوالي 70 عاماً.