بادئ ذي بدء، كل التقدير والاحترام لرئيس مجلس أمناء الجامعة، ولرئيسها، وللمجلس على هذه المبادرة، والتي إنّما تصوّر حالاً مؤلماً صعباً وصلت اليها جامعاتنا الحكومية (عدا الجامعة الهاشمية). واقتبس من كلمة دولة الدكتور عدنان بدران رئيس مجلس أمناء الجامعة بأن اطلاق المبادرة بات ضرورة ملحّة ليصبح الحرم الجامعي بيئة جاذبة صديقة للبيئة وللطالب وللأستاذ، ويقدم خدمات حيوية، تمكن الجامعة لتكون ذكية ومنتجة ومستقرة ماليا..الخ. وأشار الى أن الاستقرار المالي لا يتأتى إلا بالاعتماد على الذات، وليس بانتظار الدعم الحكومي الذي أصبح شحيحا لما تعانيه الحكومة من عجز ومديونية.
كما وأحترم توجه رئيس الجامعة الدكتور عبد الكريم القضاة في اشارته الى أن قيمنا الدينية وأعرافنا الراقية هي روافد قوية للعمل الخيري التطوعي التكافلي، وأقدّرّ تعبيره ورأيه بقوله "إنه من غير الممكن الاستمرار في الاعتماد على جيوب الطلبة، والبقاء عبئا على موازنة الدولة". وأقف تقديرا واحتراما لما قالته الدكتورة نداء زقزوق بأن العلم، والأنبياء، والمال هم عصبٌ لقلبِّ الحضارة، وأن العلماء هم ورثة الأنبياء الذين يتابعون النهج بالعلم والفكر والتنوير، مؤكدة أن المساجد دور عبادة وعلـــم.
والحقيقة أن ما يؤلمني، كوني أحد خريجي هذه الجامعة بمرحلة الماجستير، أن تصل الجامعة الى هذا المستوى الاداري، والعلمي، والمالي. والواقع، فإن من تعاقب على رئاستها، ومجالس أمنائها، ووزراء التعليم العالي، وعمدائها، ومدراء دوائرها المتخصصة والتابعة الى رئاسة الجامعة يتحمّلون جميعهم هذا الواقع المؤسف. وأرجو أن يتسع صدر المعنيّون بجامعاتنا الحكومية الى تحليل أسباب ومكامن التراجع العلمي، والفشل الاداري، والمالي الذي تعيشه الجامعات الحكومية في المملكة. واليكم مكامن الفشل التالية (وهنا أستثني الجامعة الهاشمية فقط من هذا التحليل والتشخيص لأنها نموذج يجب أن يحتذى):-
وأخيرا، ما هو الحلّ للجامعات الحكومية الأخرى، هل ستطلق مبادرة مماثلة، أم ماذا؟ والحقيقة المرّة التي تعاني منها جامعتنا كما المؤسسات الحكومية والعامة الأخرى بالمملكة هي ما يُعرف بأثر "نظرية الوكالة Agency Theory" وهي نظرية ماليّـة تلخص بشكل بسيط بالتالي : أن من يقوم على ادارة المؤسسة، إن لم يكن له مصلحة شخصيّة مباشرة بالقرار الذي سيتخذه، فلا يأبه بما سيخلّفه القرار؛ أي إن ربحت المؤسسة فماذا له؟، وبالمؤسسات العامة إن خسرت المؤسسة فلا يخسر شيئا، وبالتالي يمكن أن يتخذ قرارا في غير مصلحة المؤسسة سواء لارضاء الغير، أو لمصلحته ومصلحة من حوله، |أو استجابة للضغط من طرف معين..وهكذا.