د. محمد حيدر محيلان
ليست غريبة ولا مفاجئة، التعينات الأخيرة التي صدرت عن مجلس الوزراء، فالعلم يثبت ان الجينات الوراثية تتشابه، فالذكي والمبرز والكفؤ لا بد ان يكون اخوه كفؤاً وابوه كفؤاً وابنه كفؤاً.
وأن الكفاءات النادرة والمميزة لدينا في مجلس النواب والحكومات المتعاقبة هي حالة فريدة، ولا تتاح الا في كل مئة عام مرة أو أقل، فلذلك يجب الاكثار منها كعينات ممكن تنضب او تفنى، ويجب الاحتفاظ بنسخة من النوع في مكان اخرمن الوظائف في الدولة، ففي حال تعرضت النسخة الأولى للتلف او الضياع او الموت، لا سمح الله، نخرج النسخة الأخرى من باب الحفاظ على النوع.
ولا مانع من انشاء (بنك وراثي للكفاءات الاردنية) للاحتفاظ بالأنواع شبه النادرة من الكفاءات الأردنية المميزة والتي في حال انقراضها أو انخفاض عددها يهدد مستقبل الأردن، وقد يؤدي الى انهيارها لا سمح الله ولا قدر.
ولا استغرب ذلك، حيث اعلنت مؤخرا وزارة الزراعة في الأردن، (انها تعتزم إنشاء نواة لبنك وراثي للحمير البلدية لحمايتها من الانقراض، وذلك بعد تراجع أعدادها إلى ما دون الـ 1000).
وإذا كنا نحافظ على سلالات الحمير ونخشى عليها من الانقراض، (وهي سابقة تحسب للأردن وتقدر له وليس عليه لاهتمامه بالكائنات الحية)، فلا عجب ان نحافظ على بعض الكفاءات الإنسانية عندنا في الأردن، وهي الأولى والاحق (ببنك وراثي)، لان الانسان مقدم على كافة المخلوقات الاخرى، والانسان مكرم من قبل الله خالق جميع المخلوقات فلما لا نكرمه ونحتفظ بعينات ونسخ منه في بنك خاص، ويتم استنساخه في الوظائف الحكومية .
فلم لا نغتنم الفرصة لتعيين أكبر عدد ممكن من هذه السلالات الفريدة في جميع مرافق الدولة، (لا اسخر من أحد ولا أقلل من شأن أحد)، لأني أؤمن أن هناك معايير موضوعة لدينا لاختيار الاكفياء من أبناء البلد ،تم الإعلان عنها من قبل رئاسة الوزراء، واللجان المعنية بمقابلة هؤلاء هي أيضا من الاكفياء والنزيهين، ويتم اختيارهم حسب معايير متزنة وحيادية ومن أصحاب التاريخ الوظيفي النظيف وتعمل وفق المعايير اياها.
ولجان التعيين هي أدرى وأعلم بالكفاءات النادرة مني ومن كل الشعب الأردني، الذي بدأ (يلمز ويهمز) من تعيين اشقاء النواب، ضاربين بعرض الحائط نزاهة اللجان، ومعايير تعيين الموظفين للمناصب القيادية العليا الموجودة لديهم، ومهارات سبر وكشف وقياس أهلية وكفاءات الموظفين والقيادات التي تتمتع بها اللجان المختصة.
أنا لم أفاجأ كما ذكرت أولا ، لأني أؤمن ان لدينا مجلس نواب (مميز وعملة نادرة)، كثير من أعضائه يغيب عن الجلسات المهمة والحاسمة التي يتم فيها اتخاذ قرارات تصيب كبد المواطن، مثل يوم التصويت على قرار الضريبة، الذي تغيب عنه الكثير من النواب والذين يشهد لهم الناخبون بالجرأة والقوة والخطابات الرنانة الناصحة والموجهة للحكومة والتي طالما انتقدت الحكومات وحذرتها من عاقبة التقصير وعدم اتقان العمل والحرام والحلال في الدنيا والاخرة، ثم نفاجأ انهم غابوا أو غيبوا أنفسهم عن معظم جلسات الرقابة والتشريع الخطيرة والمهمة، والبعض لم يسجل له ولا حتى مداخلة طيلة فترة وجوده في المجلس لتاريخه، ولا أدري أهي مجاملة للحكومة وتكتيك لرفع الحرج عن انفسهم واحراج الحكومة ،ام ضحك على الناخبين المغفلين والمبهورين بظاهر هؤلاء النواب.
ندعوا الدول الأخرى التي ما زالت تفكر بالتطوير والتنمية الإدارية الاستفادة من تجربتنا النادرة والمميزة في (إدارة المؤسسات عن طريق الاحتفاظ بالجينات) وهي نظرية اردنية حديثة يمكن تدريسها لمن أراد اللحاق بركب التطوير الإداري.