كتب : محمد عبدالكريم الزيود
يرحل اليوم نواف عبدالكريم الشديفات مستعجلا ، في منتصف السبعين ولكن بعنفوان الشباب ، مناضلا للحق ، في صف الوطن الذي لم يغادره ، لم يكسر شموخه إلا الموت ، ولم يسكت حنجرته التي ظلت تصدح بالحق إلا الموت ، ولم ينزع شماغه عن رأسه إلا الموت ، فكفى بالموت قاهرا للرجال.
هذه السنديانة التي نبتت في العالوك بلاد السنديان والدحنون والزيتون ، وبلاد الرجال الذين لم ينحنوا يوما إلا للصلاة ، ولم تكسر رماحهم يوما ، كان شجاعا كما في قول الحق ، شجاعا جسورا في مواقف الرجال ، يذكرونه أهل العالوك والمسرّات أنه لجأ إلى جبالها عندما رفض تسليم سلاحه للجنة نزع الأسلحة سنة ١٩٧٠ هو وعبدالرزاق الراشد ونخبة من شبابها وظلوا يقاومون ويدافعون عن قريتهم وأهلهم عندما حاف بيوتهم "الغزاة".
كان حرّا فارسا صوتا للحق الذي لا يهاب ، ندّا للفاسدين ، لم يعارض لمنصب ، ولم ينتقد طمعا في مغنم ، ولكن قلبه هو قلب الأردني النقيّ المحب لوطنه ، الخائف عليه في زمن المصالح وبيع الأوطان.
يرحل أبوجهاد مستسلما للموت ، ومن قال أن الرجال تموت ، هم يرحلون ويغيبون فقط ، فالحيّ حيّ الذكر ، وكثير من الأحياء في عداد الأموات ، وبعض الرجال في حجم قبيلة ، وبعضهم بلا عداد.
اليوم تودّع العالوك والهاشمية وتسكن في غريسا ضيفا مجاورا للشهداء والطيبين من سبقوك ، فرحمك الله وغفر لك وأسكنك فسيح جناته وألهم أهلك ومحبيك ووطنك الصبر والسلوان .